‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما63

مسند احمد

‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما63

حدثنا يزيد، حدثنا نافع بن عمر، عن بشر بن عاصم بن سفيان، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم - فيما يعلم نافع - أنه قال: " إن الله عز وجل يبغض البليغ من الرجال، الذي يتخلل بلسانه، كما تخلل الباقرة بلسانها "

مَنْ كَثُرَ كلامُه كَثُر خَطَؤُه، ومَن اعْتادَ ذَلِكَ فإنَّه يَصْعُبُ عليه الرُّجوعُ إلى الصَّوابِ وإلى إمساكِ لسانِه، حتَّى إنَّه لَيتلذَّذُ بالكلامِ، ويَتشدَّقُ بلِسانِه مُسْتَسيغًا ومُتلذِّذًا بفَصاحتِه وطلاقَةِ لسانِه. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ الله عزَّ وجلَّ يُبْغِضُ البَليغَ مِنَ الرِّجالِ"، أي: الفَصيحَ الَّذي يُعبِّرُ عمَّا في نَفْسِه بأَحْسَنِ عِبارةٍ، والمقصودُ هنا مَنْ يَتكلَّفُ ويُكْثِرُ الكلامَ ويَتفاصَحُ بِه ويَتشدَّقُ على النَّاسِ، "الذي يتَخلَّلُ بلِسانِه تَخَلُّلَ الباقِرةِ بلِسانِها"، أي: مِنْ كَثْرةِ كلامِه وتَشدُّقِه يُقلِّبُ لسانَه في فَمِه وبينَ أسنانِه تَلذُّذًا بالكلامِ، كما تَفْعَلُ ذلك البقَرةُ تَلذُّذًا بالطَّعامِ، وهذا التَّشبيهُ للتَّنفيرِ مِن كَثْرةِ الكلامِ دونَ داعٍ.
وفي الحديثِ: الزَّجرُ عن كَثرةِ الكلامِ دونَ تَحرُّزٍ أو احْتياطٍ، وعن التَّكلُّفِ المذمومِ والتشدُّقِ والتفاصُ.