مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 101

مسند احمد

مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 101

حدثنا ابن نمير، عن مجالد، عن عامر، عن الأسود بن يزيد، قال: أقيمت الصلاة في المسجد، فجئنا نمشي مع عبد الله بن مسعود، فلما ركع الناس، ركع عبد الله وركعنا معه، ونحن نمشي، فمر رجل بين يديه، فقال: السلام عليك يا أبا عبد الرحمن، فقال عبد الله، وهو راكع: صدق الله ورسوله، فلما انصرف، سأله بعض القوم: لم قلت حين سلم عليك الرجل: صدق الله ورسوله؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «إن من أشراط الساعة، إذا كانت التحية على المعرفة»

مِن مَحاسِنِ الأخلاقِ التي جاءَت بها الشَّريعةُ إفشاءُ السَّلامِ على مَن تَعرِفُ ومَن لم تَعرِفْ، أمَّا إذا اقتَصَرَ النَّاسُ على السَّلامِ على مَن يَعرِفونَ فقَط فهذا مِن أماراتِ السَّاعةِ

وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ الأسوَدُ بنُ يَزيدَ، وهو أحَدُ التَّابِعينَ، فيَقولُ: أُقيمَتِ الصَّلاةُ في المَسجِدِ، فجِئنا نَمشي مَعَ عَبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ، أي: لم يَكونوا في المَسجِدِ وإنَّما خارِجَه مَعَ عَبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ، فلمَّا سَمِعوا إقامةَ الصَّلاةِ جاؤوا يَمشونَ حتَّى يُدرِكوا الصَّلاةَ، فلمَّا رَكَعَ النَّاسُ في الصَّلاةِ رَكَع عَبدُ اللَّهِ بنُ مَسعودٍ ورَكَعنا مَعَه ونَحنُ نَمشي، أي: أنَّهم رَكَعوا قَبلَ أن يَصِلوا إلى الصَّفِّ يُريدونَ بذلك أن يُدرِكوا الرَّكعةَ. فبَينَما هم راكِعونَ مَرَّ رَجُلٌ بَينَ يَدَيه، أي: مَرَّ رَجُلٌ مِن أمامِ عَبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ، فقال: السَّلامُ عليك يا أبا عَبدِ الرَّحمَنِ. وهيَ كُنيةُ ابنِ مَسعودٍ، أي: أنَّه سَلَّمَ على ابنِ مَسعودٍ فقَط وخَصَّه بالسَّلامِ. فقال عَبدُ اللَّهِ بنُ مَسعودٍ وهو راكِعٌ: صَدَقَ اللهُ ورَسولُه، أي: قال هذه الكَلمةَ أثناءَ رُكوعِه في الصَّلاةِ. فلمَّا انصَرَف، أي: لمَّا انتَهى ابنُ مَسعودٍ مِنَ الصَّلاةِ سَأله بَعضُ القَومِ: لم قُلتَ حينَ سَلَّمَ عليك الرَّجُلُ: صَدَقَ اللهُ ورَسولُه؟ أي: ما سَبَبُ قَولِك: صَدَقَ اللهُ ورَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عِندَما سَلَّمَ عليك الرَّجُلُ؟ فقال ابنُ مَسعودٍ: إنِّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: إنَّ مِن أشراطِ السَّاعةِ، أي: مِن عَلاماتِها، إذا كانتِ التَّحيَّةُ على المَعرِفةِ، أي: أن تُصبحَ التَّحيَّةُ والسَّلامُ بَينَ النَّاسِ على حَسَبِ المَعرِفةِ فقَط، فيُسَلِّمُ الشَّخصُ على مَن يَعرِفُه دونَ مَن لا يَعرِفُه. وفي الرُّكوعِ قَبلَ الوُصولِ إلى الصَّفِّ ثُمَّ المَشيِ إليه خِلافٌ مَحَلُّه كُتُبُ الفِقهِ
وفي الحَديثِ رَأيُ ابنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه في مَشروعيَّةِ الرُّكوعِ قَبلَ الوُصولِ إلى الصَّفِّ لأجلِ إدراكِ الرَّكعةِ
وفيه مَشروعيَّةُ السَّلامِ على المُصَلِّي
وفيه أنَّ قَولَ: صَدَقَ اللهُ ورَسولُه في الصَّلاةِ، لا يُفسِدُها
وفيه بَيانُ شَرَطٍ مِن أشراطِ السَّاعةِ حَيثُ يَكونُ السَّلامُ للمَعرِفةِ