مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 83

مسند احمد

مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 83

حدثنا إسماعيل، عن ابن عون، عن عمرو بن سعيد، عن حميد بن عبد الرحمن، قال [ص:155]: قال ابن مسعود: كنت لا أحجب عن النجوى، ولا عن كذا، ولا عن كذا، قال ابن عون: فنسي واحدة، ونسيت أنا واحدة، قال: فأتيته وعنده مالك بن مرارة الرهاوي، فأدركت من آخر حديثه، وهو يقول: يا رسول الله، قد قسم لي من الجمال ما ترى، فما أحب أن أحدا من الناس فضلني بشراكين فما فوقهما، أفليس ذلك هو البغي؟، قال: " لا، ليس ذلك بالبغي، ولكن البغي من بطر - قال: أو قال: سفه - الحق، وغمط الناس "

 الكِبرُ على النَّاسِ من الصِّفاتِ التي تدُلُّ على فَسادِ القُلوبِ

وهذا الحديثُ يُوضِّحُ بعضَ المفاهيمِ عندَ الناسِ المتعلِّقةِ بحُسنِ الهَيئةِ التي ربَّما تَختلِطُ عند البعضِ بأنَّها من الكِبْرِ، وفيه يَحكي أبو هُرَيْرَةَ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ رجُلًا أتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وكان رجُلًا جميلًا"، أي: صاحِبَ هَيئةٍ حَسَنةٍ، "فقال: يا رَسولَ اللهِ، إني رجُلٌ حُبِّب إليَّ الجمالُ، وأُعطيتُ منه ما ترَى"، أي: حَبَّبَ اللهُ إليَّ كُلَّ هَيئةٍ حَسَنةٍ جميلةٍ، ومنه ما رَزَقني اللهُ به، "حتى ما أُحِبُّ أنْ يَفوقَني أحدٌ"، أي: يَعلوَ عليَّ، ويزيدُ في الجمالِ، "- إمَّا قال: بشِراكِ نعلي، وإمَّا قال: بشِسْع نعلي-" وشراكُ النعلِ أو شِسْعُ النعلِ: هو السَّيرُ على ظَهرِ القَدمِ عندَ لُبسِ النَّعلِ الذي يَدخُل فيه إصبعُ الرِّجْلِ، والمعنى: أنَّني أحِبُّ أنْ أتفوَّقَ في الجَمالِ، وحُسنِ الهَيئةِ التي خَلَقني اللهُ عليها، ولا أحِبُّ أنْ يَسبِقَني أحدٌ، ولو بشيءٍ قليلٍ مِثلِ شِراكِ النعلِ، "أفمِنَ الكِبْرِ ذلك؟" والكِبْرُ حالةٌ من استِعظامِ الإنسانِ نفْسَه، واستحسانِ ما فيه من الفَضائلِ والاستهانةِ بالناسِ واستصغارِهم والترفُّع على مَن يَجِبُ التواضعُ لهم، "قال: لا، ولكنَّ الكِبْرَ مَن بَطِرَ الحَقَّ"، أي: مَعنى الكِبْرِ المقصودِ هوَ بَطرُ الحقِّ: أي: رفْضُ الحقِّ وردُّه والبُعدُ عنه، "وغَمْطُ الناسِ"، أي: احتِقارُهم

وفي الحديثِ: النهيُ عنِ التكبُّرِ والتعاظُمِ على الناسِ