مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 38
حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن خيثمة، عن سويد بن غفلة، قال: قال علي: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم عن غيره فإنما أنا رجل محارب، والحرب خدعة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يخرج في آخر الزمان أقوام أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة " (1)
قَوْلُهُ: "فَلَأَنْ" : - بِفَتْحِ اللَّامِ - .
"أَخِرَّ" : مِنَ الْخُرُورِ; أَيْ: أَسْقُطَ.
"خَدْعَةٌ" : قَالَ الدَّمِيرِيُّ: فِيهِ لُغَاتٌ، أَفْصَحُهَا - الْفَتْحُ وَالسُّكُونُ - ، وَيَجُوزُ - الضَّمُّ مَعَ السُّكُونِ أَوْ مَعَ الْفَتْحِ - ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ خِدَاعِ الْكَفَّارِ فِي الْحَرْبِ كَيْفَ أَمْكَنَ، إِلَّا بِنَقْضِ عَهْدٍ أَوْ أَمَانٍ، فَلَا يَحِلُّ، انْتَهَى.
وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ، إِلَّا أَنَّ كَلَامَ غَيْرِهِ يَقْتَضِي الْفَرْقَ، فَبِفَتْحِ الْخَاءِ: لِلْمَرَّةِ; أَيْ: إِنَّ الْحَرْبَ يَنْقَضِي أَمْرُهَا بِخَدْعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّهَا قَدْ تَقُومُ مَقَامَ تَمَامِ الْحَرْبِ، وَبِالضَّمِّ مَعَ السُّكُونِ: اسْمٌ مِنَ الْخِدَاعِ، وَبِالضَّمِّ مَعَ الْفَتْحِ: مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَعْتَادُ الْخِدَاعَ وَتُكْثِرُهُ، كَاللُّعَبَةِ وَالضُّحَكَةِ لِمَنْ يُكْثِرُ اللَّعِبَ وَالضَّحِكَ; أَيْ: إِنَّ الْحَرْبَ تَخْدَعُ الرِّجَالَ، وَتُمَنِّيهِمْ، وَلَا تَفِي لَهُمْ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
"أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ" أَيْ: صِغَارُ الْأَسْنَانِ; فَإِنَّ حَدَاثَةَ السِّنِّ مَحَلٌّ لِلْفَسَادِ عَادَةً.
"سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ" ضِعَافُ الْعُقُولِ.
"مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ" أَيْ: يَتَكَلَّمُونَ بِبَعْضِ الْأَقْوَالِ الَّتِي هِيَ مِنْ خِيَارِ أَقْوَالِ النَّاسِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: أَيْ: فِي الظَّاهِرِ; مِثْلُ: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ، وَنَظَائِرُهُ; كَدُعَائِهِمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ.
"لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ" : أَيْ: بِالصُّعُودِ إِلَى مَحَلِّ الْقَبُولِ، أَوْ بِالنُّزُولِ إِلَى الْقَلْبِ.
"أَجْرٌ" أَيْ: ذُو أَجْرٍ.