إظهار السلاح في المسجد
سنن النسائي
أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ومحمد بن منصور قالا: حدثنا سفيان قال: قلت لعمرو: أسمعت جابرا يقول: مر رجل بسهام في المسجد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذ بنصالها». قال: نعم
حرَصَ الإسلامُ على الحِفاظِ على حَياةِ الإنسانِ، وحرَّمَ أذيَّتَه بأيِّ شَيءٍ كان، ووضَعَ الاحتياطاتِ اللازمةَ لذلك
كما في هذا الحديثِ، حيثُ يُخبِرُ أبو مُوسى الأشعريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ مَن يَمُرُّ في أيِّ مَكانٍ مِن الأماكِنِ المُزدحمةِ بالنَّاسِ، سواءٌ كان مَسجدًا أو سُوقًا، وكان معه نَبْلٌ -والنِّبالُ: السِّهامُ التي لها رُؤوسٌ حادَّةٌ ومُدبَّبةٌ، ومِثلُه كلُّ سِلاحٍ حادٍّ- أنْ يُمسِكَ ويَحفَظَ أطرافَها الحادَّةَ بيَدِه أو بأيِّ وَسيلةٍ تَحفَظُها، وليَكُنْ حَذِرًا أثناءَ مُرورِه بها؛ لِئلَّا يَجْرَحَ بها أحدًا. وفي هذا تَأكيدٌ على حُرمةِ المسلمينَ والاحتياطِ في ذلك؛ لأنَّ المساجِدَ يكونُ فيها الكثيرُ مِن الناسِ، لا سِيَّما في أوقاتِ الصَّلاةِ، وكذلِكَ الأسواقُ، وهذا التَّأكيدُ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لأنَّه خَشِيَ أنْ يُؤذَى بها أحدٌ
وفي الحديثِ: بَيانُ كَريمِ خُلُقِه ورَأْفَتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمؤمنينَ
وفيه: التَّعظيمُ لحُرمةِ دَمِ المسلمِ قَليلِه وكَثيرِه
وفيه: بَيانُ آدابِ حمْلِ السِّلاحِ، وأنَّ حاملَ السِّلاحِ عليه أنْ يَتحرَّزَ ويُحاذِرَ أنْ يُؤذِيَ به أحدًا
وفيه: مَشروعيَّةُ المرورِ في المسجِدِ وإنْ كان قد وُضِعَ في الأصلِ للعبادةِ؛ لأنَّ الحاجةَ تَقتضيهِ