تشبيك الأصابع في المسجد
سنن النسائي
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا عيسى بن يونس قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود قال: دخلت أنا وعلقمة على عبد الله بن مسعود فقال لنا: «أصلى هؤلاء؟» قلنا: لا. قال: «قوموا فصلوا». فذهبنا لنقوم خلفه، فجعل أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، فصلى بغير أذان ولا إقامة، فجعل إذا ركع شبك بين أصابعه وجعلها بين ركبتيه وقال: «هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل»
الحَجُّ رُكنٌ مِن أركانِ الإِسلامِ، وهو عِبادةٌ لِمَنِ استَطاعَ إليها سَبيلًا، وتُؤخَذُ جَميعُ أعمالِه مِن سُنَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وفي هذا الحَديثِ يَروي نافِعٌ مَولَى عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ دَخَلَ على أبيه عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما وظَهرُه في الدَّارِ، والمُرادُ بالظَّهرِ: مَركوبُه مِنَ الإبِلِ، وكان ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهُما قد عَزَمَ على الحَجِّ، وأحضَرَ مَركوبَه؛ لِيَركَبَ عليه ويَتوَجَّهَ إلى مَكَّةَ، وكان عبدُ اللهِ الابنُ خائِفًا على أبيه، ولا يَأمَنُ عليه مِن أنْ يَكونَ في هذا العامِ قِتالٌ بَينَ النَّاسِ، فيَصُدُّوه ويَمنَعوه عنِ البَيتِ، وكان ذلك عامَ اثنَيْنِ وسَبعينَ مِنَ الهِجرةِ، عِندَما نَزَلَ الحَجَّاجُ بنُ يوسُفَ الثَّقَفيُّ بأمْرٍ مِن عبدِ الملِكِ بنِ مَرْوانَ لمُحارَبةِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ في مَكَّةَ، فأجابَه عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما بأنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد خَرَجَ فحالَ كُفَّارُ قُرَيشٍ بَينَه وبَينَ البَيتِ، وكان ذلك في العامِ السَّادِسِ مِنَ الهِجرةِ، حيثُ رَجَعَ عن عُمرَتِه، وعَقَدَ صُلحَ الحُدَيبِيةِ، فتَحلَّلَ بأنْ خَرَجَ مِنَ النُّسُكِ بالذَّبحِ والحَلقِ، مع النِّيَّةِ فيهما
ولذلك أخبَرَهمُ ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه إنْ حِيلَ بَينَه وبَينَ البَيتِ، ومَنَعَه مانِعٌ قَهريٌّ مِنَ الوُصولِ إليه، فإنَّه سيَفعَلُ كما فَعَلَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ التَّحلُّلِ في المَكانِ الذي مَنَعوه فيه مِن دُخولِ مَكَّةَ، وتَلا قَولَ اللهِ تعالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، وأشهَدَهمُ ابنُ عُمَرَ أنَّه قد أوجَبَ مع عُمرَتِه حَجًّا، ولم يَكتَفِ بالنِّيَّةِ، بل أرادَ الإِعلامَ لِمَن يُريدُ الاقتِداءَ به
قال عبدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ: وطافَ لِلحَجِّ والعُمرةِ طَوافًا واحدًا بَعدَ الوُقوفِ بعَرَفةَ، وقيلَ: المُرادُ به الطَّوافُ والسَّعيُ بَينَ الصَّفا والمَروةِ، وذلك هو طَوافُ القارِنِ بَينَ الحَجِّ والعُمرةِ وسَعيُه في نُسُكٍ واحدٍ، وأنَّه يُجزِئُه طَوافٌ واحدٌ وسَعْيٌ واحِدٌ؛ فالقارِنُ يَقتصِرُ على أفعالِ الحَجِّ، وتَندرِجُ أفعالُ العُمرةِ كلُّها في أفعالِ الحَجِّ، ولا يَحِلُّ القارِنُ إلَّا يومَ النَّحرِ يومَ العاشِرِ مِن ذي الحِجَّةِ
وفي الحَديثِ: الخُروجُ إلى النُّسُكِ في الطَّريقِ المَظنونِ خَوفُه إذا رَجا السَّلامةَ
وفيه: اتِّباعُ ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما سُنَّةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، واقتِفاؤه أثَرَه في أفعالِه