إفراد الحج 1
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: «أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج»
علَّمَنا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمورَ الحجِّ والعُمرةِ، وفَرائضَهما وسُننَهما وآدابَهما، وقال في حَجَّةِ الوداعِ: "خُذوا عَنِّي مَناسِكَكم"
وفي هذا الحديثِ بيانُ بعضِ الأمورِ في هَدْيِه في تِلك الحَجَّةِ، حيثُ تُخْبِرُ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "خرَجْنا مع رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حجَّةِ الوداعِ"، وهي الحَجَّةُ التي حَجَّها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وسُمِّيَتْ بذلك؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان كالمُوَدِّعِ لهم في خُطَبِ الحَجِّ، ولمْ يَلْبَثْ كَثيرًا بعدَها، وكانتْْ في السَّنةِ العاشِرةِ من الهِجرةِ ، "فمِنَّا مَن أهَلَّ بالحجِّ"، أي: أحرَمَ ناويًا الحجَّ دونَ تحلُّلٍ بعُمرةٍ، "ومِنَّا مَن أهَلَّ بعُمرةٍ وأهْدى"، أي: أحرَمَ ناويًا عُمرةً، وساقَ هَدْيَه ليذْبَحَه بعدَ إتمامِ عُمرتِه، ثمَّ يتحلَّلُ ويتمتَّعُ إلى الحجِّ، قالت عائشةُ رضِيَ اللهُ عنه: "فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن أهَلَّ بعُمرةٍ ولم يُهْدِ، فليَحْلِلْ، ومَن أهَلَّ بعُمرةٍ فأهْدى، فلا يَحِلَّ"، يعني: مَن أحرَمَ بالعُمرةِ ومعه الهدْيُ، فليُدْخِلِ الحجَّ في العُمرةِ ليكونَ قارِنًا، "ومَن أهَلَّ بحَجَّةٍ، فلْيُتِمَّ حَجَّه"، قالت عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "وكنتُ ممَّن أهَلَّ بعُمرةٍ"، وهذا الحديثُ ظاهرُه يَقْتضي أنَّه ما أمَرَهم بفسْخِ الحجِّ إلى العُمرةِ، بل أمَرَهم بالبقاءِ عليه، مع أنَّه قد ثبَتَ بروايةِ أربعةَ عَشَرَ من الصَّحابةِ: أنَّه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ مَن لم يَسُقِ الهدْيَ بفسْخِ الحجِّ، وجعْلِه عُمرةً، ومِن جُملتِهم عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها؛ فقد قالتْ في الحديثِ المُتَّفقِ عليه: "خرَجْنا مع رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا نَرى إلَّا الحجَّ، قالت: فلمَّا أنْ طاف بالبيتِ، وبين الصَّفا والمروةِ، قال: «مَن كان معه هَدْيٌ، فلْيُقِمْ على إحرامِه، ومَن لم يكنْ معه هَدْيٌ، فلْيَحْلِلْ"؛ فيُحمَلُ هذا الحديثُ على مَن ساق الهدْيَ، وبه تَندفِعُ المُنافاةُ بين الأحاديثِ