الاستعاذة من فتنة الدجال
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان، عن يحيى، عن عمرة، عن عائشة، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بالله من عذاب القبر، ومن فتنة الدجال» قال: وقال: «إنكم تفتنون في قبوركم»
القَبرُ أوَّلُ مَنزلٍ مِن منازلِ الآخرةِ، وقد أخبَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بما يَحدُثُ فيه للميِّتِ منَ الفِتنِ والشَّدائدِ، وما يَلقاه المؤمنُ مِن الرَّحمةِ والتَّثبيتِ وما يَلقاه المُذنِبُ من العذابِ والوعيدِ
وفي هذا الحديثِ تُخبرُ عائشةُ رضِيَ الله عنها: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَستعيذُ مِن عذابِ القبرِ"، أي: يَدعو اللهَ عزَّ وجلَّ أن يُجنِّبَه ويُنجِّيه منَ العذابِ الَّذي يقَعُ على الإنسانِ في القَبرِ، ومِن الأسبابِ الَّتي تُؤدِّي لِذلك، "ومِن فِتنةِ الدَّجَّالِ"، أي: من فِتنةِ الدَّجَّالِ في زَمانِه ومِحنتِه الَّتي يَختبِرُ بها اللهُ عزَّ وجلَّ قلوبَ عِبادِه، والدَّجَّالُ مِنَ الدَّجلِ: وهو التَّغطيةُ سُمِّي به؛ لأنَّه يُغطِّي الحقَّ بباطِلِه. وهذا في حقِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَعبُّدًا لربِّه، وتَعليمًا لأُمَّتِه؛ لأنَّه معصومٌ مِن جَميعِ أنواعِ العذابِ والفِتَنِ، حيثُ غَفَر الله تعالَى له ما تَقدَّم مِن ذَنبِه، وما تأخَّرَ
وقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّكم تُفتَنون"، أي: تُختبَرون وتُمتحَنون، "في قُبورِكم"، وذلك بِسُؤالِ المَلكَيْن، وهذا بَيانٌ لِوَجهِ استعاذَتِه صلَّى الله عليه وسلَّم مِن عذابِ القبرِ إنَّما لوقوعِ الفِتنةِ فيه. وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَتعوَّذُ من جَميعِ ما ذُكِر تَشريعًا لأُمَّتِه ليُبيِّنَ لهم المُهمَّ مِن الأدعيَةِ، وليُحذِّرَهم من هذه الأمورِ العصيبةِ؛ لِيَعمَلوا ما يَقيهِم منها منَ الطَّاعاتِ والأعمالِ الصَّالحةِ
وفي الحديث: إثباتُ عذابِ القَبرِ
وفيه: بيانُ حِرْصِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على أُمَّتِه، وإرشادِها لِمَا يَنفعُها، وتَحذيرِها ممَّا يضرُّها ممَّا غُيِّب عنها