الترجل غبا 4
سنن النسائي
أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا خالد بن الحارث، عن كهمس، عن عبد الله بن شقيق قال: كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عاملا بمصر، فأتاه رجل من أصحابه، فإذا هو شعث الرأس مشعان. قال: ما لي أراك مشعانا وأنت أمير؟ قال: «كان نبي الله صلى الله عليه وسلم ينهانا عن الإرفاه». قلنا: وما الإرفاه؟ قال: «الترجل كل يوم»
أمَرَ الإسْلامُ بالتَّجمُّلِ دون مُبالغَةٍ؛ فجمَعَ بين الاهتِمامِ بالمظْهَرِ، مع الحرْصِ على المخْبَرِ وعدَمِ الانشِغالِ بالتَّرفُّهِ عن الطَّاعاتِ وما هو ضروريٍّ من أُمورِ الدِّينِ والدُّنيا
وفي هذا الحَديثِ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم نَهَى عن "التَّرجُّلِ"، أي: تسْريحِ الشَّعْرِ، وتحْسينِه، للرَّأسِ واللِّحْيَةِ، "إلَّا غِبًّا"، أي: سرِّحْه يومًا، ودَعْه يومًا، وقيل: هو نهْيٌ عن كثْرةِ التَّرفُّهِ، والتَّنعُّمِ، وصرْفِ الوقتِ في التَّزيُّنِ بتَسريحِ الشَّعْرِ، ونحوِ ذلك، وهذا النَّهيُ مَخصوصٌ بالرِّجالِ وليس النِّساءِ
وقد ورَدَ عن أبي قَتادةَ رضِيَ اللهُ عنه "أنَّه كانت له جُمَّةٌ ضخْمَةٌ، فسأَلَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فأمَرَه أن يُحسِنَ إليها، وأن يترجَّلَ كلَّ يومٍ"، والجمْعُ بين الأمْرِ والنَّهيِ بأنَّ النَّهيَ مَخصوصٌ بمَن لا يَحتاجُ شَعرُه إلى التَّرجُّلِ والتَّسريحِ كلَّ يومٍ، أمَّا مَن يَحتاجُ إلى ذلك كلَّ يومٍ فلا يشْمَلُه النَّهيُ؛ بل هو مَأمورٌ أن يُحسِّنَ هيْئتَه، ولكن دون تَكلُّفٍ أو انشِغالٍ بذلك عن الطَّاعاتِ
وفي الحَديثِ: الزَّجْرُ عن المبالغَةِ في التَّزيينِ