الجمع بين الظهر والعصر بعرفة
سنن النسائي
أخبرنا إسماعيل بن مسعود، عن خالد، عن شعبة، عن سليمان، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي الصلاة لوقتها إلا بجمع وعرفات»
لقدْ بيَّن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مَناسِكَ الحجِّ وآدابَه، وقد نقَلَها الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم كما تَعلَّموها مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ورأَوُه يَفعَلُها في حَجَّةِ الوداعِ
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضِي اللهُ عَنه: "كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُصلِّي الصَّلاةَ لوَقتِها"، أي: كانتْ عادتُه ألَّا يُخرِجَ صلاةً عن وقتِها المحدَّدِ، فيُصلِّي كلَّ صَلاةٍ وَحْدَها، ولِوَقتِها "إلَّا بجَمْعٍ"، أي: مُزدَلِفةَ، فكان يَجمَعُ بها المغربَ والعِشاءَ جمْعَ تأخيرٍ، وحَدُّ المزدلفةِ: ما بينَ المأزِمَينِ ووادي مُحسِّرٍ، وليس هذان الحدَّان مِنها "وعرَفاتٍ"، جمعُ عرَفةَ، وهي: اسمٌ للبُقعةِ المعروفةِ الَّتي يَجِبُ الوُقوفُ بها، ويومُ عرَفةَ هو يومُ الوقوفِ بها، ويكونُ في اليومِ التَّاسعِ مِن ذي الحَجَّةِ، وهي على نَحوِ 20 كيلو مترًا تقريبًا مِن مكَّةَ، وقيل: إنَّها سُمِّيَت بذلك لأنَّ آدمَ عليه السَّلامُ عرَفَ حوَّاءَ فيها، وقيل: لأنَّ جِبريلَ عليه السَّلامُ عرَّف إبراهيمَ عليه السَّلامُ فيها المناسِكَ. وقيل: لِتَعارُفِ النَّاسِ فيها، وقيل: هي مأخوذةٌ مِن العَرْفِ وهو الطِّيبُ؛ لأنَّها مُقدَّسةٌ
فكان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَجمَعُ بعرَفةَ الظُّهرَ والعَصرَ جمْعَ تَقديمٍ في وَقتِ الظُّهرِ، فقيل: سَببُ جمْعِه في الموضعَين: السَّفرُ، وقيل: بسبَبِ النُّسكِ؛ بمعنى اعتِبارِ عِلَّةِ الجَمْعِ أنَّه نفْسَه مِن أعمالِ الحجِّ، وليس لِمَعنًى خارجٍ، وقيل: الحاجةُ، ورَفعُ الحرَجِ
وفي الحديثِ: التَّيسيرُ في أمورِ الحجِّ