السرعة بالجنازة 5
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا خالد، قال: أنبأنا عيينة بن عبد الرحمن بن يونس، قال: حدثني أبي، قال: شهدت جنازة عبد الرحمن بن سمرة وخرج زياد يمشي بين يدي السرير، فجعل رجال من أهل عبد الرحمن ومواليهم يستقبلون السرير ويمشون على أعقابهم، ويقولون: رويدا رويدا بارك الله فيكم، فكانوا يدبون دبيبا حتى إذا كنا ببعض طريق المربد لحقنا أبو بكرة على بغلة، فلما رأى الذي يصنعون حمل عليهم ببغلته، وأهوى إليهم بالسوط، وقال: خلوا، فوالذي أكرم وجه أبي القاسم صلى الله عليه وسلم لقد «رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنا لنكاد نرمل بها رملا»، فانبسط القوم
لقد علَّمَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أُمَّتَه السُّننَ والآدابَ المُتعلِّقةَ بالجنائزِ وتَكفينِ الموتَى ودَفْنِهم، ومِن ذلك: أنَّه أمَرَ بالإسراعِ في دفْنِهم ونَقْلِهم إلى القُبورِ، كما يقولُ أبو بَكْرةَ رَضِي اللهُ عَنه
في هذا الحديثِ: "لقد رَأيتُنا مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وإنَّا لَنَكادُ نَرمُلُ بها رَمَلًا"، أي: نُسرِعُ المشْيَ بالجنازةِ حتَّى نَدفِنَها، وقد رَوَى البخاريُّ ومسلمٌ في صَحيحَيهِما عن أبي هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أسْرِعوا بالجِنازةِ؛ فإنْ تَكُ صالِحةً، فخيرٌ تُقدِّمونه إليه، وإنْ تكُ سِوى ذلك، فشرٌّ تَضَعونه عن رِقابِكم"، ولكنَّ هذا الإسراعَ يكونُ بحيثُ لا يَنتَهي إلى شِدَّةٍ يُخافُ معَها حدوثُ مَفسَدةِ الميِّتِ، أو مشقَّةٍ على الحاملِ أو المشيِّعِ؛ لئلَّا يتَنافى المقصودُ مِن النَّظافةِ، وإدخالِ المشقَّةِ على المسلِمِ، وربَّما يكونُ مقصودُ الحديثِ ألَّا يُتباطَأَ بالميِّتِ عن الدَّفنِ؛ لأنَّ التَّباطُؤَ ربَّما أدَّى إلى التَّباهي والاختِيالِ
وفي الحديثِ: التَّعجيلُ بغسلِ وتَكفينِ ودفنِ الميِّتِ