الكراهية في بيع العصير 1
سنن النسائي
أخبرنا سويد، قال: أنبأنا عبد الله، عن سفيان بن دينار، عن مصعب بن سعد، قال: كان لسعد كروم وأعناب كثيرة، وكان له فيها أمين، فحملت عنبا كثيرا، فكتب إليه: إني أخاف على الأعناب الضيعة، فإن رأيت أن أعصره عصرته، فكتب إليه سعد: «إذا جاءك كتابي هذا، فاعتزل ضيعتي، فوالله لا أئتمنك على شيء بعده أبدا»، فعزله عن ضيعته
كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم أشَدَّ النَّاسِ ورَعًا وتَقوى بعد رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم
وفي هذا الأثَرِ يقولُ مُصعَبُ بنُ سَعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ: "كان لِسَعدٍ كُرُومٌ وأَعنابٌ كَثيرةٌ"، ويُطلَقُ الكُرومُ على شَجرةِ العِنَبِ، والعِنَبُ ثَمرَتُه، فإذا يَبِسَتْ وجفَّت كانت زَبيبًا، "وكان له فيها أَمينٌ"، أي: قائمٌ بالأعمالِ فيها برَعيِها ومؤتمَنٌ عليها، "فحَمَلَت"، أي: أثمَرَت أشجارُ الكُرومِ، "عِنبًا كثيرًا"، فكَتَب هذا الأمينُ إلى سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضِي اللهُ عَنه قائلًا: "إنِّي أخافُ على الأَعنابِ الضَّيعةَ"، أي: الفَسادَ والهَلاكَ، "فإنْ رأيتَ أنْ أَعصِرَه عَصَرتُه"، أي: حوَّلتُه عَصيرًا، "فكتَب إليه سَعدٌ"، أي: أَرسَلَ ردًّا على أَمينِه، فقال: "إذا جاءك كِتابي هذا، فاعتَزِلْ ضَيْعتي"، أي: يُعفيه سَعدٌ مِن عمَلِه، "فواللهِ لا أَئتَمِنُك على شيءٍ بعدَه أبدًا"، قال مُصعَبٌ: "فعَزَله عن ضَيعَتِه"؛ وذلك أنَّ الرَّجلَ لَم يتورَّعْ عن عَصرِ العِنبِ لِما يَعرِفُ أنَّه سَرْعانَ ما يَتحوَّلُ إلى خَمرٍ، فكان ذلك سبَبَ عَزلِه، وهذا مِن شِدَّةِ ورَعِ سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ