النهي عن المجثمة 4
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا»
حَرَص الشَّرْعُ المطهرُ على المحافظةِ على حُقوقِ النَّاسِ، ومن ذلك: الحُقوقُ الماليَّةُ؛ فنهى عن كل ما يُؤخَذُ منها بغيرِ حقٍّ أو بغيرِ طِيبِ نفْسٍ من صاحِبِها، وكذلك حرَص على الطيِّبِ مِن المَطعَمِ، ونهَى عن الخبيثِ مِنه
وفي هذا الحديثِ يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا تحلُّ النُّهبى" والنُّهبى: المالُ المنهوبُ، والمرادُ: المأخوذُ من المُسلمِ أَو الذِّمِّيِّ أو المُستأْمَن قَهرًا، لا المأخوذُ من أهلِ الحَربِ قَهرًا، فإنَّه حلالٌ وهو ما يُعرَف بالغَنيمةِ
"ولا يحِلُّ من السِّباعِ كلُّ ذي نابٍ"، والنَّابُ واحدُ الأنيابِ، وهي ممَّا يلي الرُّباعيَّاتِ من الإنسانِ، والمقصودُ بذلك أنَّه لا يحِلُّ أكْلُ الحَيواناتِ الضاريَةِ المفترِسةِ، وأراد بكُلِّ ذي نابٍ: ما يَعدو بنابِه، على النَّاسِ وأموالِهم، كالذِّئبِ والأسدِ والكَلبِ، ونحوِها، "ولا تَحِلُّ المُجثَّمةُ"، وهي الحيواناتُ الَّتي تُنصبُ وتُرمى لتُقتَلَ، أي: تُحبسُ وتُمنعُ من الحركةِ وتُجعلُ هدفًا، وتُرمَى بالنَّبلِ وهي تَكثُر في الطَّيرِ، والأرانبِ، وأشباهِ ذلك، ممَّا يَجْثِمُ فِي الأرضِ، أي: يلزمُها، ويَلتصِقُ بها، والمرادُ: أنَّها ميتَةٌ لا يحِلُّ أكْلُها، وفِعلُ التَّجثيمِ جاء النَّهيُ عنه في الصَّحيحَينِ مِن حديثِ أنسٍ رضي اللهُ تَعالى عنه، وفيه قال: "نهَى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن تُصْبرَ البهائمُ"، أي: تُحبَسَ حتى الموتِ
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن الخَبائثِ بكلِّ أنواعِها من الأموالِ والمأكولاتِ