الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء 5
سنن النسائي
أخبرنا محمود بن خالد قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا ابن جابر قال: حدثني نافع قال: خرجت مع عبد الله بن عمر في سفر يريد أرضا، فأتاه آت فقال: إن صفية بنت أبي عبيد لما بها، فانظر أن تدركها، فخرج مسرعا ومعه رجل من قريش يسايره، وغابت الشمس فلم يصل الصلاة، وكان عهدي به وهو يحافظ على الصلاة، فلما أبطأ قلت: الصلاة يرحمك الله فالتفت إلي ومضى، حتى إذا كان في آخر الشفق «نزل فصلى المغرب، ثم أقام العشاء وقد توارى الشفق فصلى بنا»، ثم أقبل علينا فقال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به السير صنع هكذا»
الجَمعُ بيْن الصَّلاتينِ في السَّفرِ مِنَ الرُّخصِ الَّتي رَخَّصَ اللهُ فيها لِعبادِه المسلِمينَ؛ تَخفيفًا عليهم، ودَفْعًا لِلمشقَّةِ الَّتي قد تَترتَّبُ على إلْزامِهم بِصَلاةِ كلِّ فرْضٍ في وَقتِه
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَجمَعُ بيْن المغربِ والعِشاءِ إذا جَدَّ به السَّيرُ وأرادَ الإسراعَ في سَفرِه، فرخَّصَ لِلمُسافرِ في الجمْعِ بيْنَ الظُّهرِ والعصرِ، وبيْن المغربِ والعِشاءِ في وَقتِ أحدِهما، ويَفعَلُ الأرفَقَ به، كما في حَديثِ مُسلمٍ عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ رَضيَ اللهُ عنه: «جَمَعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزوةِ تَبوكَ بيْنَ الظُّهرِ والعصْرِ، وبيْن المغرِبِ والعِشاءِ»
وللجَمعِ بيْنَ كلِّ صَلاتَينِ طَريقتانِ حسَبَ ما يَتيسَّرُ؛
الأُولى: جمْعُ تَقديمٍ، وهو أنْ يُصلِّيَ العصرَ مع الظُّهرِ في وقْتِ الظُّهرِ، والعِشاءَ مع المَغرِبِ في وَقتِ المَغرِبِ، والثَّانيةُ: جَمعُ تَأخيرٍ، وهو أنْ يُصلِّيَ الظُّهرَ مع العصرِ في وقْتِ العصرِ، ويُصلِّيَ المغرِبَ مع العِشاءِ في وقْتِ العِشاءِ، وهذا كلُّه مع قَصْرِ الصَّلَواتِ الرُّباعيَّةِ إلى رَكعتَينِ؛ فتَكونُ الصَّلاةُ جمْعًا وقَصْرًا، وليس في صَلاةِ المَغربِ قَصْرٌ. وصَلاةُ الفجرِ تُصلَّى مُنفرِدةً، ولا تُجمَعُ بغَيرِها، وكذا لا جمْعَ بيْن العصرِ والمغربِ، ومَن جَمَعَ بيْن الصَّلاتينِ لَزِمَه ألَّا يُطيلَ في الفصْلِ بيْنَهما، فإنْ طال الفصْلُ بيْنَهما لا يَجمَعُ، ويُصلِّي الأخرى في وَقْتِها
وفي الحديثِ: بَيانُ تَيسيرِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ في العباداتِ