باب كتاب فضائل الصحابة
بطاقات دعوية
عن عبد الله بن دينار قال: نظر ابن عمر يوما -وهو في المسجد- إلى رجل يسحب ثيابه في ناحية من المسجد، فقال: انظر من هذا؟ ليت هذا عندي (46)! قال له إنسان: أما تعرف هذا يا أبا عبد الرحمن؟ هذا محمد بن أسامة. قال: فطأطأ ابن عمر رأسه، ونقر بيديه في الأرض، ثم قال: لو رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحبه.
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ زَيدَ بنَ حارِثةَ، وتَبنَّاه إلى أنْ نَزَل تَحْريمُ التَّبنِّي، وكذا كان يُحِبُّ ابنَه أُسامةَ، ولُقِّبَ بالحِبِّ ابنِ الحِبِّ
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي التَّابِعيُّ عبدُ اللهِ بنُ دِينارٍ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما نَظَر يَومًا وهو في المَسجِدِ إلى رَجلٍ يَسحَبُ ثيابَه، أي: يَجُرُّها، وهو كِنايةٌ عن طُولِ ثِيابِه إلى ما تحْتَ الكَعبَينِ، فطلَب ابنُ عُمَرَ مِن عبدِ اللهِ بنِ دِينارٍ أنْ يَعرِفَ له مَن هذا الرَّجلُ، وتَمنَّى ابنُ عُمَرَ أنْ يَكونَ هذا الرَّجلُ قَريبًا منه ليَنصَحَه، ويَعِظَه؛ ليَرفَعَ ثَوبَه إلى فوقَ الكَعبَينِ؛ للنَّهيِ الوارِدِ في جَرِّ الثَّوبِ، فقال له إنْسانٌ مِن الحاضِرينَ: «أمَا تَعرِفُ هذا يا أبا عبدِ الرَّحمنِ؟» وهي كُنْيةُ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، ثمَّ عرَّفَه القائلُ بأنَّه محمَّدُ بنُ أُسامةَ بنِ زَيدٍ، فطَأْطأَ ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما رَأسَه، أي: خفَضَه، ونَقَر بيَدَيْه الأرضَ، فضرَبها بهما تَعظيمًا له، ثمَّ قال: لو رَآه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأحَبَّه، إنَّما قال ذلك كَرامةً لأمِّ أيمَنَ أمِّ أُسامةَ؛ فإنَّها كانت حاضِنةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأُمَّه بعْدَ أمِّه، وقد قيلَ: إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُحِبُّ أمَّ أيمَنَ وما ولَدَتْه، وأيضًا لِمَا كان يَعلَمُ مِن مَحبَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأُسامةَ، ولأبيه زَيدِ بنِ حارِثةَ، ولذُرِّيَّتِهما؛ فإنَّه قاسَ محمَّدًا المَذْكورَ على أبيهِ، وعلى جَدِّه، حيث كانَا مَحْبوبَينِ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ