باب الجمع بين السورتين في الركعة، والقراءة بالخواتيم، وبسورة قبل سورة، وبأول سورة

بطاقات دعوية

باب الجمع بين السورتين في الركعة، والقراءة بالخواتيم، وبسورة قبل سورة، وبأول سورة

عن أبي وائل قالَ: جاءَ رجلٌ إلى ابن مسعودٍ فقالَ: قرَأتُ المُفَصَّلَ الليلةَ في ركعةٍ، فقالَ: هَذّاً  كهذِّ الشِّعرِ! لقدْ عرَفتُ النظائرَ التي كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقرُنُ بيْنَهُنَّ، فذكرَ عشرينَ سُورةً منَ المفَصَّل، سُورتَيْن في كلِّ ركعةٍ [على تأليفِ ابن مسعود، آخرهن (الحواميم) ]، (وفي روايةٍ: إنا قد سمِعنا القراءة، وإني لأَحفظُ القرَناء التي كانَ يقرأ بهن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثماني عشرةَ سورة من المفصَّل، وسورتيْن من آل (حاميم)).

أمَرَ اللهُ سُبحانَه وتعالَى بتَدبُّرِ القرآنِ، فقال تعالَى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]، وقال عزَّ مِن قائلٍ: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [النساء: 82]، وهذا هو المقصودُ مِن قِراءتِه، لا مُجرَّدُ سَرْدِ حُروفِه دونَ فَهمٍ أو تَعقُّلٍ، ويَتأكَّدُ هذا الأمرُ إذا كانتِ القِراءةُ في الصَّلاةِ، وقد كَرِهَ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه في هذا الحديثِ فِعلَ الرَّجلِ الَّذي قال له: إنَّه قرَأَ المُفصَّلَ كلَّه في رَكعةٍ، والمُفصَّلُ مِن سُورةِ «ق» إلى آخِرِ القُرآنِ، وقيل: مِن سُورةِ محمَّدٍ إلى آخِرِ القُرآنِ، وسُمِّيَ مُفصَّلًا لِقِصَرِ سُوَرِه وقُرْبِ انْفِصالِ بَعْضِهنَّ مِن بَعضٍ، وقدْ أنكَرَ ابنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه هذا الفِعلَ مِن الرَّجُلِ، وقال له: هَذًّا كهَذِّ الشِّعرِ! أي: قرَأْتَه قِراءةً مُتسرِّعَةً ليس فيها تَدبُّرٌ كما يُفعَلُ في الشِّعرِ، وإنَّمَا قال ذلك لأنَّ تِلكَ الصِّفةَ كانتْ عادَتَهم في إنشادِ الشِّعْرِ، وهذا الإنكارُ مِن ابنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه لفِعلِ الرَّجلِ؛ لِمَا فيه مِن قلَّةِ التَّدبُّرِ لِمَا يقرَؤُه، أمَّا لو كان المُصلِّي مُتدبِّرًا مُتأنِّيًا، فإنَّ طُولَ قِيامِه زِيادةٌ له في الأجرِ. ثمَّ ذكَرَ ابنُ مسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه يَعرِفُ النَّظائرَ، وهي السُّوَرُ المُتقارِبةُ في الطُّولِ، الَّتي كان يَقرَأُ بها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويَجمَعُ بيْنَهنَّ في صَلاتِه، يَقرَأُ سُورتينِ في كلِّ رَكعةٍ، عدَدُهنَّ عِشرونَ سُورةً مِن المُفصَّلِ، وقد ورَد ذِكرُ هذه السُّوَرِ عندَ أبي داودَ عن ابنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه، وهي: الرَّحمنُ والنَّجمُ في رَكعةٍ، والقمرُ والحاقَّةُ في رَكعةٍ، والطُّورُ والذَّارِياتُ في رَكعةٍ، والواقعةُ والقلَمُ في رَكعةٍ، والمعارِجُ والنَّازعاتُ في ركعة، و«وَيْلٌ للمُطفِّفِينَ» و«عَبَسَ» في ركعة، والمدَّثِّرُ والمُزمِّلُ في رَكعةٍ، والإنسانُ والقيامةُ في رَكعةٍ، والنَّبأُ والمُرسَلاتُ في رَكعةٍ، والدُّخَانُ والتَّكويرُ في رَكعةٍ.فإنْ قيل: الدُّخَانُ لَيست مِن المُفصَّلِ، فَكيف عدَّهَا مِن المُفصَّلِ؟ فالجوابُ: أنَّ فيه تَجوُّزًا، وقد جاء في رِوايةٍ: ثَمانِي عشْرةَ سُورةً مِن المُفصَّلِ، وسُورتينِ مِن آلِ «حم».

وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ الجمْعِ بيْن السُّورتينِ أو أكثَرَ في رَكعةٍ واحدةٍ.