باب كتاب المغازي
بطاقات دعوية
عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما ذكر له أن سعيد بن زيد ابن عمرو بن نفيل -وكان بدريا- مرض في يوم جمعة، فركب إليه بعد أن تعالى النهار، واقتربت الجمعة، وترك الجمعة.
حقُّ المُسلِمِ على أخيه المُسلِمِ عَظيمٌ، ويَعظُمُ هذا الحقُّ إذا وقَع المُسلِمُ في ضِيقٍ، أو كَرْبٍ، أوِ اشتَدَّ عليه المرَضُ
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي التَّابِعيُّ نافِعٌ مَوْلى عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، أنَّ الصَّحابيَّ سَعيدَ بنَ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنه مرِضَ في يَومِ جُمُعةٍ، وكان بَدْريًّا، وهو مِن العَشَرةِ المُبشَّرينَ بالجَنَّةِ، وإنَّما نُسِبَ إليه كَوْنُه بَدْريًّا معَ أنَّه لم يَشهَدْ بَدرًا؛ لأنَّه كان ممَّن ضَرَب له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بسَهْمِه وأجْرِه؛ وذلك لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَثَه وطَلْحةَ بنَ عُبَيدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما إلى طَريقِ الشَّامِ يتَحَسَّسانِ الأخْبارَ عن عِيرِ وقافِلةِ أهلِ مكَّةَ، ففاتَهما وَقْعةُ بَدرٍ، فضرَبَ لهما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بسَهْمَيْهما وأجْرَيْهما، فعُدَّا بذلك مِن أهلِ بَدرٍ
فلمَّا ذُكِرَ لعَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ سَعيدَ بنَ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنه مرِضَ، ركِبَ دابَّتَه ليَعودَه في مرَضِه، وذلك بعْدَ أنْ تَعالَى النَّهارُ، أي: ظهَر وارتَفَعَ، واقتَرَبَ دُخولُ وَقتِ الجُمُعةِ، فترَكَ ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما صَلاةَ الجُمُعةِ، وذهَبَ إليه يَزورُه؛ وذلك لعُذْرٍ، وهو إشْرافُ قَريبِه على الهَلاكِ، ولشدَّةِ حاجةِ الميِّتِ حينَئذٍ إلى مَن يَنظُرُ منه، ويَرفُقُ به، ويَقومُ عليه، وقدْ كان سَعيدٌ ابنَ عمِّ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ، وزَوجَ أُختِه، وقد رُوِيَ ذلك صَريحًا في السُّنَنِ الكُبْرى للبَيْهَقيِّ: أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما دُعيَ إلى سَعيدِ بنِ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنه وهو يَموتُ، وقد كان ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما حينَها يَستَجمِرُ، ويَتطَيَّبُ استِعْدادًا للجُمُعةِ
وفي الحَديثِ: بَيانُ مَكانةِ سَعيدِ بنِ زَيدٍ ومَنْقَبَتِه
وفيه: بَيانُ أنَّ القيامَ على الميِّتِ رُخْصةٌ تُبيحُ تَرْكَ الواجِباتِ