باب أبغض الأسماء إلى الله
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"أخنى (37) (وفي طريق: أخنغ) الأسماء يوم القيامة عند الله، رجل تسمى ملك الأملاك" (38).
قال سفيان: يقول غيره: تفسيره شاهان شاه (39).
الكِبْرِياءُ والعَظَمةُ والمُلكُ المُطلَقُ للهِ تعالَى وحْدَه؛ فلذلك عامَلَ اللهُ تعالَى مَن تَكبَّر وسَمَّى نفْسَه بِمَلِكِ الأَملاكِ بأنْ يكونَ يومَ القيامةِ وهو «أَخْنَعُ اسْمٍ»، أي: أوضَعُ وأذلُّ وأصغرُ الأسماءِ عندَ اللهِ. وقِيلَ: «أخنَعُ الأسماءِ» بمعْنى: أَقْتَلُ الأسماءِ وأهلَكُها.
وإنما كان «مَلِكُ الأملاكِ» أبغَضَ إلى اللهِ وأكرَهَ إليه أن يُسَمَّى به مخلوقٌ؛ لأنَّه صِفةُ اللهِ، ولا تليقُ بمخلوقٍ، ولا ينبغي أن يتسَمَّى أحدٌ بشيءٍ من ذلك؛ لأنَّ العِبادَ لا يُوصَفون إلَّا بالذُّلِّ والخُضوعِ والعُبوديَّةِ، وفي لَفظٍ عند البُخاريِّ: «أخنى الأسماءِ يومَ القيامةِ» فعاقب اللهُ مَن طلب الرِّفعةَ في الدُّنيا بما لا يحِلُّ له من صفاتِ رَبِّه، بالذُّلِّ يومَ القيامةِ.
ثُمَّ بيَّن سُفْيانُ بنُ عُيَيْنةَ -أحَدُ رُواةِ الحديثِ- أنَّ هذا ولو كان بلُغَةِ العَجَم، كقَوْلِهم: «شَاهَانْ شَاهْ»، أي: مَلِكُ المُلوكِ، وقد كانت التسميةُ بذلك كَثُرَت في ذلك الزَّمانِ، فنَبَّه سفيانُ على أنَّ الاسمَ الذي ورد الخبَرُ بذَمِّه لا ينحَصِرُ في مَلِكِ الأملاكِ، بل كلُّ ما أدَّى إلى معناه بأيِّ لسانٍ كان، فهو مرادٌ بالذَّمِّ.
وقوله: «يَقولُ غَيْرُه»، أي: يقولُ غيرُ أبي الزِّنَادِ الَّذِي يَرْوِي سُفيانُ هذا الحديثَ عنه، فيكون مِن مَنقولِ سُفْيَانَ، وفي روايةِ الترمذيِّ مِن قولِ سُفيانَ نفْسِه.
وفي الحَديثِ: التواضُعُ مع جَنابِ اللهِ وعَدَمُ التسَمِّي بما يكوُن فيه التكَبُّرُ.