باب أي الصدقة أفضل 3
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو، عن ابن وهب، قال: أنبأنا يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثنا سعيد بن المسيب، أنه سمع أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول»
جاءتْ شرائعُ الإسلامِ كلُّها وسَطًا بيْنَ الإفراطِ والتَّفريطِ، ومنها الصَّدقةُ؛ فأفْضَلُ الصَّدقةِ -كما يُخبرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذا الحديثِ- أنَّ خيرَ الصَّدقةِ ما أخرَجَه الإنسانُ مِن مالِه بعْدَ القِيامِ بحُقوقِ النَّفْسِ والعِيالِ، بحيثُ لا يَصيرُ المُتصدِّقُ محتاجًا بعْدَ صدقتِه إلى أحدٍ؛ فهذه هي الصَّدقةُ التي عنْ ظَهرِ غِنًى
ثم قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «وابدَأْ بمَنْ تَعولُ» وهذا دَليلٌ على أنَّ النَّفَقةَ على الأهلِ أفضَلُ مِن الصَّدَقةِ؛ لأنَّ الصدَقةَ تطَوُّعٌ، والنَّفَقةَ على الأهلِ فريضةٌ، وهذا مِن التَّربيةِ النَّبويَّةِ، وترتيبِ الأولَويَّاتِ في النَّفقةِ؛ حتَّى يَكفِيَ المرءُ أهْلَه ومَن تَلزَمُه نفَقتُه، ثمَّ يتَصدَّقَ عن ظَهرِ غِنًى
وفي الحديثِ: تقديمُ نفقةِ نفْسِه وعِيالِه؛ لأنَّها مُنحصِرةٌ فيه، بخلافِ نفقةِ غيرِهم. وفيه: أنَّ الإنسانَ لا يتصدَّقُ بكلِّ ما عندَه
وفيه: الابتداءُ بالأهمِّ فالأهمِّ في الأمورِ الشَّرعيَّةِ
وفيه: أنَّ النفَقةَ على الأهلِ ومَن يَعولُهمُ الإنسانُ تُحسَبُ صدَقةً إذا احتسَبَها الإنسانُ