باب: إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين وإذا خلع فليبدأ بالشمال
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى وإذا خلع فليبدأ بالشمال ولينعلهما جميعا أو ليخلعهما جميعا. (م 6/ 153
علَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه الخَيْرَ والهَديَ القَويمَ، ومِن ذلك التَّيامُنُ والبَدءُ باليَمينِ في الأفْعالِ الَّتي فيها اخْتِيارٌ بيْن اليَمينِ والشِّمالِ؛ فاليَمينُ جِهةٌ مُباركةٌ في مُسمَّاها؛ فَأهْلُ اليَمينِ هم أهْلُ الجنَّةِ، وفيها مَعاني اليُمْنِ والبَركةِ وغير ذلك، كما جُعلَ الشِّمالُ للأُمورِ المسْتَقذَرةِ والتي فيها أذًى.
وفي هذا الحديثِ يُرشِدُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المسْلمَ إذا أراد أن يَلبَسَ النَّعلَ -وهو: ما يُلبَسُ مِن حِذاءٍ؛ لِيَقِيَ القدَمَ مِن الأرضِ دونَ أنْ يَستُرَ كامِلَ القدَمِ- فَليَبدَأْ بإدخالِ رِجلِهِ اليُمنَى تَكريمًا لها، وإذا أراد خَلْعَ نَعلِه فلْيَبدَأْ برِجلِه اليُسرى، فتكونُ الرِّجْلُ اليُمنى أوَّلَ ما تُلبَسُ، وآخِرَ ما تُنزَعُ. ثمَّ أرشَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أيضًا إلى أنَّه إمَّا أنْ يَلبَسَ المسْلمُ النَّعلينِ جميعًا، وإمَّا أنْ يَخلَعَهما جميعًا، أمَّا أنْ يَلبَسَ واحدةً ويَترُكَ الأُخرى، فهذا منَهيٌّ عنه، وذلك إذا حَلَّ به أَمرٌ، كَأنْ فَقَدَ إحْدَى نَعلَيه، أو قُطِعَتْ إِحداهُما، فلم يَجدْ إلَّا نَعلًا واحدةً، فإمَّا أنْ يُحْفيَ قَدمَيهِ مَعًا ويَخلعَ النَّعلينِ، أو يَلبَسَ نَعلينِ غَيرَهُما إذا تَوفَّرَ له ذلك؛ قيل: لأنَّ هذِه المشيةَ مِشيةُ الشيطانِ، حيث جاءَ تعليلُ هذا النَّهيِ في حَديثِ أبي هُرَيرة رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عن المَشيِ في النَّعلِ الواحدةِ، وقال: «إنَّ الشَّيطانَ يَمشي بالنَّعْلِ الواحدةِ».
وممَّا قيل أيضًا في حِكمةِ هذا النهيِ: حتَّى يَحفَظَ هَيبتَه في المَشْي؛ لأنَّه لا يأمنُ عند ذلك التَّعَثُّر؛ لِما في ذلك مِن الاختلالِ وعدَمِ الاتِّزانِ، مع قُبحِ المَنظَرِ، كما أنَّه يَتنافى مع الوَقارِ، وقيل: رُبَّما يَدخُلُ في بَابِ الشُّهرةِ، حيثُ تَمتدُّ الأبصارُ إلى مَن يَفعَلُ ذلك، وأيضًا ربَّما نُسِبَ فاعلُ ذلك إلى اختلالِ الرأيِ والعقلِ.