باب: ما جاء في الانتعال والاستكثار من النعال
بطاقات دعوية
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في غزوة غزوناها استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكبا ما انتعل (1). (م 6/ 153
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعلِّمُ أصحابَه ويُرشِدُهم إلى ما فيه الخيرُ، ويُعلِّمُهم أُمورَ دِينِهم، وما يَنفَعُهم في أُمورِ دُنياهم ومَعاشِهم.
وفي هذا الحديثِ يَحكي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه سَمِع النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غزوةٍ غَزاها يَأمُرُهم أنْ يتَّخذِوا كثيرًا مِنَ النِّعالِ، جمْعُ نَعلٍ، وهو ما يُلبَسُ مِن حِذاءٍ لِيَقيَ القَدَمَ مِن الأرضِ عندَ مُتابَعةِ المَشْيِ فيهما. ثمَّ بَيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَببَ أمرِه بذلكَ، فقال: «فإنَّ الرَّجلَ لا يزالُ راكبًا ما انْتعلَ»، ومعناه أنَّه شَبيهٌ بِالرِّاكبِ في خِفَّةِ المشقَّةِ عليه وقلَّةِ تعَبِه، وسلامَةِ رِجلِه مِمَّا يُلقَى في الطَّريقِ مِن خُشونةٍ وشوْكٍ وأذًى، ونحوِ ذلك، وخَصَّ الغُزاةَ بالاستكثارِ؛ لأنَّ نِعالَهم عُرضةٌ للتَّلفِ والضَّياعِ والهَلاكِ، ولرُبَّما لا يُمكِنُهم الحصولُ على غيرِها.
وهذا إرشادٌ إلى المصلحةِ وتَنبيهٌ على ما يُخفِّفُ المشقَّةَ؛ فإنَّ الحافيَ المُديمَ للمَشيِ يَلْقى مِن الآلامِ والمشقَّاتِ بالعِثارِ والتَّعبِ، فتَرِقُّ قَدمُه مِن كَثرةِ المشْيِ، وهذا يَمنَعُه عن المشْيِ ويَمنَعُه مِن الوصولِ إلى المقصِدِ، بخِلافِ المُنتعِلِ؛ فإنَّه لا يَحصُلُ له ذلك، فيَدومُ مَشْيُه فيَصِلُ إلى مَقصدِه كالرَّاكبِ.
وفي الحديثِ: أنَّ مِن هدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لُبْسَ النِّعالِ.
وفيه: الاستعانةُ في السَّفرِ بالنِّعالِ وغيرِها ممَّا يَحتاجُ إليه المسافرُ.