باب إماطة الأذى عن الطريق3
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا هشام بن حسان، عن واصل مولى أبي عيينة، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر
عن أبي ذر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عرضت علي أمتي بأعمالها، حسنه وسيئه (2)، فرأيت في محاسن أعمالها الأذى ينحى عن الطريق، ورأيت في سيئ أعمالها النخاعة في المسجد لا تدفن" (3)
في هذا الحديث يُبَيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم محاسِنَ الأعمالِ ومساوِئَها، فيقول: (عُرِضَتْ عَلَيَّ أعمالُ أُمَّتِي) يعني: بُلِّغْتُ عنها، وبُيِّنَتْ لي، والَّذي بيَّنَها له هو اللهُ عزَّ وجلَّ؛ لأنَّ اللهَ سبحانَه وتعالى هو الَّذي يُحلِّل ويُحرِّم ويُوجِبُ، فعَرَضَ اللهُ عزَّ وجلَّ على نبيِّنا محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المحاسنَ والمساوئَ من أعمالِ الأُمَّة، فوَجَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في محاسنِ أعمالِها الأذى يُماطُ، أي: يُزالُ عن الطَّريقِ، وهو كُلُّ ما يُؤذِي من شَوكٍ أو عَذِرَةٍ أو حَجَرٍ، ووجَدَ في مَساوئِ أعمالِها "النُّخاعةَ"، أي: البُّزاقةَ الَّتي تَخرُجُ من أصلِ الفَمِ، والمرادُ بها إِلقاؤُها، (تَكونُ في المسجِدِ) ظاهرةً لا تُدفَنُ، فالذَّمُّ لا يختصُّ بصاحبِ النُّخاعَةِ- وإنْ كان إثمُه أكثَرَ- بل يدخُلُ فيه هو وكُلُّ مَن رآها ولا يُزيلُها، فلم يَثبُتْ لها حُكمُ السَّيِّئَةِ بمجرَّدِ إيقاعِها في المسجِدِ، بل به وبتركِها غيرَ مدفونَةٍ.
وفي الحديث: التَّرغيبُ في تَنظيفِ المساجِدِ ممَّا يحصُلُ فيها من القُماماتِ القَليلَةِ.
وفيه: ما يدُلُّ على أنَّه لا يَجوزُ أن يُحتقَرَ منَ البِرِّ شيءٌ، ولا يُستصغَرُ من الإثمِ شيءٌ وإن قَلَّ .