باب اختناث الأسقية
بطاقات دعوية
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وفي رواية: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى) عن اختناث الأسقية؛ يعني:
علَّم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَّتَه الآدابَ العَلِيَّةَ في سائِرِ شُؤونِ حياتهم، ومن ذلك آدابُ الطَّعامِ والشَّرابِ.
وفي هذا الحَديثِ ينهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن اختناثِ الأسقيةِ. وقد وضَّح معنى اختناثِ الأسقيةِ بأن تُكسَرَ أفواهُها فيُشرَبَ منها -وقيل: هذا التوضيحُ لمعنى الاختناثِ مُدرَجٌ مِن كلامِ مَعمَرِ بنِ راشدٍ أو غيرِه، وليس من كلامِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-؛ فالاختناثُ هو الشُّربُ مِن فَمِ السِّقاءِ، والمرادُ بكَسْرِها: ثَنْيُها لا كَسْرُها حقيقةً، وعبَّرَ عن الشُّربِ من فَمِ السِّقاءِ باختناثِ السِّقاءِ؛ لأنَّ العادةَ في فَمِ القِربةِ إذا شَرِبَ منه الشَّاربُ وهو مفتوحٌ أن يتدفَّقَ الماءُ عليه بكثرةٍ، فلا يستطيعُ الشَّرابَ، فيَضغَطُ على فَمِها، بحيث لا يخرجُ منه إلا بالقَدْرِ الذي يستطيعُ أن يشرَبَه، فهذا اختِناثُ الأسقِيَةِ. أو المرادُ قَلبُ رأسِها والشُّربُ منها. والأسقِيَةُ جَمعُ سِقاءٍ، وهو الوعاءُ المصنوعُ مِن الجِلدِ مباشرةً، والمراد به هنا، كل إناء استعمل للشراب.
وعِلَّةُ النَّهيِ عن اختِناثِ السِّقاءِ: أنَّ الإنسانَ إذا شرِب منه مباشرةً قد يَستقذِرُه غيرُه، ويُؤدِّي إلى تَغيُّرِ رائحةِ فَمِ السِّقاءِ؛ فإنَّ إدامةَ الشُّربِ هكذا ممَّا يُغَيِّرُ رِيحَها، وقيل: إنَّ النَّهيَ عن الشُّربِ منه مباشرةً؛ لأنَّه لا يُؤمَنُ أن يكونَ في السِّقاءِ ما يؤذيه فيَدخُلَ في جوفِه ولا يَدري.
وفي الحَديثِ: اهتِمامُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بما يحفَظُ على النَّاسِ صِحَّتَهم ويَقِيهم مِن العدوى والأمراضِ.
أن تكسر (6) أفواهها فيشرب منها.