باب استئمار البكر والثيب 3
سنن ابن ماجه
حدثنا عيسى بن حماد المصري، أخبرنا الليث بن سعد، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن عدي بن عدي الكندي
عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الثيب تعرب عن نفسها، والبكر رضاها صمتها" (1).
جَعَل الإسلامُ للمَرأةِ حُقوقًا، وجعَلَ لها مَقامًا وتَكريمًا خاصًّا، تُعبِّر فيه عن نفْسِها، وخاصَّةً عندَ الزَّواجِ.
وفي هذا الحديثِ تَسْألُ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فتَقولُ: «يا رسولَ اللهِ، يُستَأمرُ النِّساءُ في أبْضاعِهنَّ؟» تَعني: هلْ يُستأذَنُ النِّساءُ عندَ زَواجِهنَّ؟ والأبضاعُ جمْعُ بُضْعٍ، وهو الفرْجُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «نَعم» يعني: أنَّ النِّساءَ -بِكرًا كانت أو ثَيِّبًا- يُؤخذُ رأْيُهنَّ في زَواجِهنَّ، فذَكَرت عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها أنَّ المرأةَ إذا كانت بِكرًا -وهي التي لم يَسبِقْ لها الزواجُ- يَغلِبُها الحياءُ، فلا تَستطِيعُ أنْ تُفصِحَ عَن رأْيِها فِيمَن أرادَ أنْ يَتزوَّجَها، فَتَسكتَ دُونَ رَدٍّ، فأخبرها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ سُكوتَها يدُلُّ على مُوافقتِها على الزَّواجِ، هذا ما لم يَظهَرْ منها ما يَدُلُّ على كَراهيتِها له. وقد خصَّت عائِشةُ رَضِيَ اللهُ عنها سؤالها عن البِكرِ؛ لِما يَغلِبُ عليهنَّ في هذا المقامِ مِنَ الحَياءِ، بخِلافِ الثَّيِّبِ -وهي التي سبق لها الزواجُ- فإنها تعَبِّرُ عن رضاها أو رَفْضِها بصريحِ القَولِ؛ لأنَّ قَولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «تُسْتَأْمَر» معناه حتى يؤخَذَ أمْرُها بذلك.
وفي الحَديثِ: أنَّه لا يجوزُ للولِيِّ أن يزوِّجَ المرأةَ التي تحت ولايتِه إلا بإذنها، سواءٌ كانت بِكرًا أو ثيِّبًا.
وفيه: أنَّ البِكرَ يُؤخَذُ رَأيُها في الزَّواجِ مع حِفظِ دَورِ الوَليِّ في الإرشادِ والتوجيهِ، أو الاختيارِ إذا كانت غيرَ عاقِلةٍ.