باب الأمر بالقيام للجنازة 1
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر، عن عامر بن ربيعة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأى أحدكم الجنازة فلم يكن ماشيا معها، فليقم حتى تخلفه أو توضع من قبل أن تخلفه»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُجِلُّ الجِنازةَ إذا مرَّت به؛ فإنَّ للموتِ لَفَزَعًا وهَوْلًا، وإنَّ القبرَ أوَّلُ مَنازِلِ الآخرةِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إذا رأَى أحَدُكم الجِنازةَ، فلم يَكُنْ ماشِيًا معَها"، أي: لم يَكُنْ مُتَّبِعًا ومشيِّعًا لها، "فَلْيَقُمْ"، أي: عِندَ رُؤيَتِها، "حتَّى تُخَلِّفَه"، أي: تتَجاوَزَه فيَكونَ وَراءَها، "أو تُوضَعَ مِن قَبلِ أن تُخَلِّفَه"، أي: تُوضَعَ عِندَه في المصلَّى ونحوِ ذلك، أو تُدفَنَ في القبرِ، فيقومَ لذلك، وهذا مِن إجلالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لأمْرِ الموتِ والجِنازةِ
والقِيامُ للجِنازةِ؛ قيل: إنَّه نُسِخَ بأحاديثَ أخرى لم يَقُمْ فيها النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عِندَما مرَّتْ به، وقد أخرجَ البيهقيُّ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّه قال: "قام رسولُ اللهِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ مع الجنازةِ حتى تُوضَعَ، وقام الناسُ معَه، ثم قَعَد بعدَ ذلك، وأمرَهم بالقعودِ"، وأخرج مِثلَ ذلك أبو داود والترمذيُّ والنسائيُّ؛ فدل هذا على أنَّ القِيامَ للجنازةِ كان أولًا ثم نُسِخَ. وقيل: إنَّ المرءَ مُخيَّرٌ؛ لِمَجيءِ الأَمْرَين عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ويُعمَلُ بالدَّليلَينِ ما أمكَن، ولا يُقالُ: أحَدُهما منسوخٌ