باب الإحسان إلى المملوكين في الطعام واللباس ولا يكلفون ما لا يطيقون 2
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صنع لأحدكم خادمه طعامه ثم جاءه به وقد ولي حره ودخانه فليقعده معه فليأكل فإن كان الطعام مشفوها (2) قليلا فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين قال داود وهو ابن قيس يعني لقمة أو لقمتين. (م 5/ 94
المُعاملَةُ الحسَنَةُ وحسْنُ الخلُقِ وبذْلُ الإحْسانِ للنَّاسِ كافةً؛ منَ الأُمورِ الَّتي حَثَّ عليها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأمَرَ المسلِمَ أنْ يَتحلَّى بها مع إخْوانِه، بلْ مع مُجتمَعِه كلِّه.
وفي هذا الحديثِ يُرشِدُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه إذا كلَّف أحدٌ خادمَه -وهو العبدُ المملوكُ، ويَدخُلُ فيه الخادمُ الأجيرُ- فأمَرَه أنْ يَصنَعَ له طعامًا، ثمَّ صنَع الخادمُ الطَّعامَ وباشَر طَهْيَهُ ومتابعةَ طبْخِه على النَّارِ، وذاق حَرَّه، وعانى دُخَانَه، وجاء به إلى سيده بعد معاناةِ كلِّ تلك المشقَّةِ - فليُجلِسِ السَّيِّدُ خادمَه ليأكُلَ معه؛ فقدْ تَعِبَ في إعدادِ هذا الطَّعامِ، فإنْ كان الطَّعامُ «مَشْفُوهًا»، أي: كثيرَ الشِّفاهِ حولَه، يعني أنَّ العددَ كثيرٌ، والطَّعامُ قليلٌ لا يَكفي لجلوسِ الخادمِ ليأكُلَ منه، «فَلْيَضَعْ في يَدِهِ منه أُكْلَةً، أوْ أُكْلَتَيْنِ» أي: لُقمةً أو لُقْمتينِ؛ حيث إنَّه قدْ تَحمَّلَ مَشقَّةَ إعدادِ الطَّعامِ ومُعاناتَه، فيكونُ بذلك قدْ واساهُ وأكرَمَه، وجَعَل إلى السَّيِّدِ حُرِّيَّةَ الاختيارِ بيْن أنْ يُجلِسَ الخادمَ للأكلِ معه أو تَرْكِه، مع حَضِّه على أنَّه إنْ لم يَأكُلْ معه أنْ يُعطِيَه مِن ذلك الطَّعامِ الَّذي تَعِب فيه.
وفي الحديثِ: الحثُّ على الرَّحمةِ بالخَدمِ والعبيدِ.
وفيه: مُشاركةُ الرَّقيقِ في الطَّعامِ والشَّرابِ.
وفيه: أنَّه يَنْبغي للمسْلمِ ألَّا يَترفَّعَ على أخيهِ المسْلمِ، ولا يَحتقِرَه، وإنْ كان عبْدًا ونحْوَه مِن الضَّعَفةِ.