باب الإمام يصلي من قعود
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير ووكيع ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: «ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا بالمدينة فصرعه على جذم نخلة، فانفكت قدمه، فأتيناه نعوده فوجدناه في مشربة لعائشة رضي الله عنها يسبح جالسا، قال: فقمنا خلفه فسكت عنا، ثم أتيناه مرة أخرى نعوده، فصلى المكتوبة جالسا فقمنا خلفه، فأشار إلينا فقعدنا، قال: فلما قضى الصلاة قال: إذا صلى الإمام جالسا فصلوا جلوسا، وإذا صلى الإمام قائما فصلوا قياما، ولا تفعلوا كما يفعل أهل فارس بعظمائها»
( فَصَرَعَهُ ) أَيْ أَسْقَطَهُ ( عَلَى جِذْمِ نَخْلَةٍ ) بِجِيمٍ مَكْسُورَةٍ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ وَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ ، وَالْمُرَادُ هُنَا أَصْلُ النَّخْلَةِ . وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ فَتْحَ الْجِيمِ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ فَإِنَّ الْجَذْمَ بِالْفَتْحِ الْقَطْعُ قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ ( فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ ) الْفَكُّ نَوْعٌ مِنَ الْوَهَنِ وَالْخَلْعِ ، وَانْفَكَّ الْعَظْمُ انْتَقَلَ مِنْ مَفْصِلِهِ ، يُقَالُ فَكَكْتُ الشَّيْءَ أَبَنْتُ بَعْضَهُ مِنْ بَعْضٍ . قَالَ الْحَافِظُ زَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ : هَذِهِ لَا تُنَافِي الرِّوَايَةَ الَّتِي قَبْلَهَا إِذْ لَا مَانِعَ مِنْ حُصُولِ خَدْشِ الْجِلْدِ وَفَكِّ الْقَدَمِ مَعًا قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ ( فَوَجَدْنَاهُ فِي مَشْرُبَةٍ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَهِيَ الْغُرْفَةُ . وَقِيلَ كَالْخِزَانَةِ فِيهَا الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ ، وَلِهَذَا سُمِّيَتْ مَشْرُبَةٌ فَإِنَّ الْمَشْرُبَةَ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَقَطْ هِيَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَشْرَبُ مِنْهُ النَّاسُ ( وَلَا تَفْعَلُوا كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ فَارِسٍ بِعُظَمَائِهَا ) أَيْ بِأُمَرَائِهَا . وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ : فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ إِنْ كُنْتُمْ آنِفًا تَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسٍ وَالرُّومِ يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ فَلَا تَفْعَلُوا قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مُخْتَصَرًا