باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقول الله تعالى: (واجعلنا للمتقين إماما) 4
بطاقات دعوية
عن حذيفة قال: يا معشر القراء! استقيموا، فقد سبقتم سبقا بعيدا، فإن أخذتم يمينا وشمالا، لقد ضللتم ضلالا بعيدا.
كانَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم يَعِظونَ النَّاسَ بالموعظةِ الحسنةِ ويَنصَحونهم بما فيه خيرُهم في الدُّنيا والآخِرةِ.
وفي هذا الحديثِ يُوَجِّه حُذَيفَةُ بنُ اليَمَانِ رَضيَ اللهُ عنهما نصيحةً إلى القُرَّاءِ -وهمُ العُلماءُ بالكِتَابِ والسُّنَّةِ- يَقولُ فيها: «استقِيموا»، أي: اسلُكوا طَريقَ الاستِقامة، وهي كِنايةٌ عن التَّمسُّكِ بأمرِ اللهِ تَعالَى والاقتِداءِ بسُننِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِعلًا وتَركًا، فإنِ استَقَمتُم سَبقتُم غيرَكم سَبقًا ظاهرًا إلى كلِّ خيرٍ، ورُوي «سُبِقْتُم» بضَمِّ السِّين، أي: سَبَقكمُ السَّلفُ سَبقًا مُتمكِّنًا، فلعلَّكم تَلحَقونَ بهم بعضَ اللَّحاقِ بالسَّيرِ على مِنهاجِهم، ولكن «إنْ أخَذتُم يَمينًا وشِمالًا»، يعني: خالَفتُم الأمرَ وأخَذتُم غيرَ طَريقِ الاستِقامة؛ فقد ضَلَلتُم ضَلالًا بَعيدًا عنِ الطَّريقِ المُستقيمِ، وكَلامُ حُذيفةَ رَضيَ اللهُ عنه مُنتزَعٌ من قولِه تَعالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153].
وفي الحديثِ: إشارةٌ إلى فضلِ السَّابقينَ الأوَّلينَ مِنَ المُهاجِرينَ والأنصارِ الذين مَضَوا على الاستقامةِ، فاستُشهِدوا بين يدَيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أو عاشوا بعدَه على طَريقتِه فاستُشهِدوا أو ماتوا على فُرُشِهم.
وفيه: مَشروعيَّةُ نصيحةِ أهلِ الفضلِ لبعضِهمُ البعضَ حضًّا على الطَّاعةِ وتَحذيرًا منَ الغِوايةِ.