باب الباذق ومن نهى عن كل مسكر من الأشربة
بطاقات دعوية
عن أبى الجويرية؛ قال: سألت ابن عباس عن الباذق؟ فقال: سبق محمد - صلى الله عليه وسلم - الباذق، فما أسكر فهو حرام. قال: الشراب الحلال الطيب. قال: ليس بعد الحلال الطيب إلا الحرام الخبيث.
قدْ يُوحِي الشَّيطانُ للبعضِ بتَغييرِ اسمِ الحرامِ إلى اسمٍ آخَرَ؛ ليَستحِلُّوا به ما حرَّمَ اللهُ، وهذا مِن حِيَلِ الشَّيطانِ لإغواءِ النَّاسِ؛ فحَقيقةُ الحرامِ لا تَتغيَّرُ باختلافِ اسْمِه.
وفي هذا الحديثِ يروي التَّابعيُّ أبو الجُوَيريَّةَ الجَرميُّ أنَّه سأل عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما عن البَاذَقِ، وهو عَصيرُ العِنَب الَّذي تَحوَّلَ إلى خمرٍ، وقيل: هو شَرابُ العسَل الَّذي تَحوَّل إلى خَمرٍ، فلمَّا رأى ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ سائلَه أراد استحلالَ الشَّرابِ المُحرَّمِ بتَغييرِ اسمِه مِن الخمرِ إلى البَاذَقِ، قطَع رَجاءَه، وقال له: إنَّ محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سبَق البَاذَقَ، يعنى سبَق محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بتَحريمِ الخمرِ قبْلَ تَسميتِهم لها بالباذَقِ، فقال: «ما أسكَر فهو حَرامٌ»، فلا يَختلِفُ الحُكمُ باختلافِ اسمِ الشَّرابِ؛ سُمِّيَ البَاذَقَ أو الخمرَ، فراجَعَه أبو الجُوَيريةِ، وقال: «الشَّرابُ الحَلالُ الطَّيِّبُ»؛ لأنَّه عصيرُ العِنَبِ، فقال ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: «ليسَ بَعْدَ الحَلالِ الطَّيِّبِ إلَّا الحَرامُ الخَبِيثُ»؛ حيث تغَيَّرَ عن حالتِه الأُولى إلى الخَمْريَّةِ، فالشُّبُهاتُ تَقَعُ في حَيِّزِ الحرامِ، وهي الخبائِثُ، وما لا شُبهةَ فيه حَلالٌ طَيِّبٌ.
وفي الحَديثِ: استعمالُ القياسِ الصَّحيحِ، وفِقْهُ الفَتْوى، ومُراعاةُ حالِ المُستفتِي.