باب ترخيص النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأوعية والظروف بعد النهي 5
بطاقات دعوية
عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الجر الأخضر. قلت: أنشرب في الأبيض؟ قال: لا.
كُلُّ مُسكِرٍ خَمرٌ، وقد حرَّمَ اللهُ سُبحانَه وتعالَى الخَمرَ، وحَرَّم كُلَّ ما في مَعناها؛ مُحافظةً على عَقلِ المُسلِم مِن غَياباتِ السُّكرِ والضَّلالِ؛ رَحمةً مِنه سُبحانَه وفَضلًا.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ أَبي أَوْفى رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عَنِ الجَرِّ، وَهوَ وِعاءٌ يُصنَعُ مِن مَدَرٍ، والمَدَرُ: هوَ الطِّينُ الصُّلبُ، «الأخضَرِ»، أي: صِفةُ لَونِه أنَّه أخضَرُ، والمَعنى النَّهيُ عَنِ الشُّربِ مِنَ الماءِ المَخلوطِ بِالتَّمرِ أو نَحوِه في هذا الوِعاءِ، ثُمَّ ظنَّ السَّائلُ أنَّ الأمرَ مُتعلِّقٌ بِاللَّونِ، فَسَألَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قائِلًا: أنشْرَبُ في الأبيَضِ؟ فَقالَ لَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لا»، يَعني: أنَّ حُكمَه كَحُكمِه في النَّهيِ، فَقيلَ: إنَّ العِلَّةَ في ذلكَ الإسكارُ، وإنَّ الجَرَّ يَتغيَّرُ فيهِ الشَّرابُ إلى الإسكارِ سَريعًا، ثُمَّ إنَّ هذا النَّهيَ كانَ في أوَّلِ الأمرِ، ثُمَّ نُسِخَ بِما رَواهُ مُسلمٌ في صَحيحِه مِن حَديثِ بُرَيدَةَ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالَ: «نَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ، فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا».
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن شُرْبِ كلِّ مُسكرٍ.
وفيه: أنَّ بعضَ الأوعيةِ والأدواتِ ليستْ مُحرَّمةً في ذاتِها، وإنَّما تَحرُمُ لِما تَتسبَّبُ فيه مِن الحرامِ.