باب البزاق يصيب الثوب 1
سنن النسائي
أخبرنا علي بن حجر قال حدثنا إسماعيل عن حميد عن أنس : أن النبي صلى الله عليه و سلم أخذ طرف ردائه فبصق فيه فرد بعضه على بعض
قال الشيخ الألباني : صحيح
يَنبغي للمُسلمِ تَعظيمُ المساجِدِ وتنزيهُها عن الأقذارِ والنَّجاساتِ، وعمَّا لا يَلِيقُ
وفي هذا الحديثِ يَروي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ الله عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رأى نُخامةً في قِبلةِ المسجِدِ، والنُّخامةُ هي ما يُبصَقُ مِن الفَمِ أو الأنفِ مِن لُعابٍ وبَلغَمٍ ونحوِ ذلك، فتَضايَقَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لذلك وغَضِبَ حتَّى شُوهِدَ أثرُ الغَضبِ في وجهِه، «فقام فحَكَّهُ بيدِه» فأزالَه ونظَّفَه، ثمَّ قال: «إنَّ أحدَكم إذا قام في صَلاتِه فإنَّه يُناجي ربَّه» مِن المُناجاةِ، وأصلُها الكلامُ بيْنَ اثنَينِ سِرًّا، والمرادُ: أنَّه يَنبغي التِزامُ الأدبِ في هذِه الحالِ؛ لأنَّ المُصلِّيَ يُناجِي اللهَ عزَّ وجلَّ، ثمَّ نَهى عن أن يَبصُقَ أحدٌ مِن المُسلِمينَ جِهةَ «قِبْلَتِه»؛ لأنَّه استِخفافٌ عادةً، فلا يَليقُ بتعظيمِ الجِهةِ، ولكنْ إذا اضْطُرَّ للبَصقِ وهو في المسجِدِ فلْيَبصُقْ عن يَسارِه؛ لأنَّها جِهةٌ لمِثلِ هذه القاذوراتِ، أو تحتَ قدمَيْه؛ لِيُواريَها بقدَمِه في ترابِ الأرضِ. ثمَّ أخَذ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طرَفَ رِدائِه، فبَصَقَ فيه، ثمَّ رَدَّ بعضَه على بعضٍ، فقال: أوْ يَفعَلُ هكذا، وهذا فيه البيانُ بالفِعلِ؛ ليَكونَ أوقَعَ في نفْسِ السَّامعِ، وأيضًا هو إيضاحٌ لِمَن عجَزَتْ به الأسبابُ أن يُواريَ نُخامتَه. والبُصاقُ في المسجِدِ خَطيئةٌ؛ لأنَّ فيه إهانةً لبُيوتِ الله عزَّ وجلَّ الَّتي أمَرَ الله تعالى أن تُرفَعَ ويُذكَرَ فيها اسمُه، ولأنَّه أيضًا إيذاءٌ للمُصَلِّينَ؛ فقد يَسجُدُ المصلِّي عليه وهو لا يَشعُرُ به، وقد يَتقزَّزُ إذا رآهُ وتتكَرَّهُ نفْسُه
وفي هذا الحَديثِ: الإشارةُ إلى حَقيقةِ مَقامِ الإحسانِ، باستِحضارِ العَبدِ قُرْبَ اللهِ تعالى مِنه، ومُشاهدةَ اللهِ إيَّاهُ، واطِّلاعَه عليه
وفيه: إكرامُ القِبلةِ وتَنزيهُها، وفضْلُ المَيمنةِ على المَيسرةِ
وفيه: طَهارةُ البُزاقِ