باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة

بطاقات دعوية

باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة

عن أنس رضي الله عنه قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن معه بالمدينة الظهر أربعا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، ثم بات بها حتى أصبح، [فصلى الصبح 2/ 186] ثم ركب [راحلته] حتى استوت به على البيداء، حمد الله وسبح، وكبر، ثم أهل بحج وعمرة، وأهل الناس، [وسمعتهم يصرخون] بهما.
(وفي رواية عنه: كنت رديف أبي طلحة، وإنهم ليصرخون بهما جميعا: الحج والعمرة 4/ 14)، فلما قدمنا [مكة] أمر الناس فحلوا، حتى كان يوم التروية أهلوا بالحج، قال: ونحر النبي - صلى الله عليه وسلم - بدنات (وفي رواية: سبع بدن) بيده قياما، وذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة كبشين أملحين [أقرنين]

لقدْ فَصَّلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصحابِه مَناسِكَ الحَجِّ بفِعلِه وقَولِه، وأمَرَهم أنْ يَأْخُذوا عنه مَنَاسِكَهم؛ لتتعلَّمَ الأُمَّةُ كلُّها بعدَهم.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عندَ خُروجِه لحَجَّةِ الوداعِ في السَّنةِ العاشرةِ مِن الهِجرةِ، صلَّى الظُّهرَ بالمدينةِ أربعَ رَكعاتٍ فأتَّمَها، ثمَّ صلَّى العَصرَ رَكعَتَين بذِي الحُلَيْفةِ قَصْرًا، وذو الحُلَيْفةِ: قَريةٌ بيْنها وبيْن المدينةِ سِتَّةُ أميالٍ أو سبعَةٌ (10 كم)، وهي مِيقاتُ أهلِ المدينةِ، ومَن مرَّ بها مِن غيرِ أهْلِها.
وباتَ بها حتَّى دَخَلَ الصَّباحُ، ثمَّ رَكِبَ ناقتَه، فلمَّا اسْتَوَتْ ووقَفَت به علَى البَيْدَاءِ -وهو مَكانٌ بالقُربِ مِن ذي الحُلَيفةِ مِن جِهةِ مكَّةَ، وسُمِّيتْ بَيداءَ؛ لعدَمِ وُجودِ مَعالِمَ فيها مِن أبْنيةٍ ونحوِها- قال: «الحَمدُ للهِ، وسُبحانَ اللهِ، واللهُ أكْبَر»، ثمَّ أهَلَّ -مِن الإهلالِ، وهو رفْعُ الصَّوتِ بالتَّلبيةِ، وصِيغتُها: «لَبَّيكَ اللَّهمَّ لَبَّيك، لَبَّيك لا شَريكَ لك لَبَّيك، إنَّ الحمْدَ والنِّعمةَ لك والمُلكَ، لا شَريكَ لك»- قارِنًا بحَجٍّ وعُمرةٍ في إحرامٍ واحدٍ، ولم يكُنْ هذا الإهلالُ بِدايةَ إحْرامِه؛ فإنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحرَمَ مِن مَسجِد ذي الْحُلَيْفَةِ، وأهَلَّ إهلالَه الأوَّلَ مِن هناكَ، ثمَّ أهَلَّ إهلالَه الثَّانيَ حينَ قامت به ناقتُه وارتَفَعَت، ثمَّ أهَلَّ للمرَّةِ الثَّالثةِ حينَ عَلا شَرَفَ البَيْدَاءِ.
وأهَلَّ النَّاسُ بمِثلِ ما أهلَّ به النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، جامعِينَ الحجَّ والعُمرةَ في إحرامٍ واحدٍ، فلمَّا أتى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَكَّةَ أمَرَ النَّاسَ الَّذين لم يَسوقوا الهَدْيَ -وهو اسمٌ لِما يُهْدى ويُذبَحُ في الحرَمِ مِن الإبلِ والبقرِ والغنَمِ والمَعْزِ- بالتَّحَلُّلِ بعْدَ أداءِ عُمرتِهم، وذلك بعْدَ الطَّوافِ بالبيتِ، والسَّعيِ بيْن الصَّفا والمَروةِ، والحلْقِ أو التَّقصيرِ، فصاروا حَلالًا من إحرامِهِم. وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ممَّن ساقَ الهَدْيَ، فلمْ يَحِلَّ مِن إحرامِه.
وفي يومِ التَّرويةِ -وهو اليومُ الثَّامِنُ مِن ذي الحِجَّةِ- أهَلُّوا بالحَجِّ.
ونَحَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الإبِلَ وهي قائِمةٌ؛ لأنَّه أمْكَنُ لنَحْرِها، ثمَّ ذبَحَ بالمدينةِ كَبشَينِ أملَحَينِ -وهو الَّذي فيه سَوادٌ وبَياضٌ- وذلك حينما كان يَقضي الأضحى في المدينةِ.
وفي الحديثِ: بَيانُ أعمالِ التَّمتُّعِ بالعُمرةِ إلى الحجِّ.
وفيه: مَشروعيَّةُ القِرانِ بيْن الحجِّ والعُمرةِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ القَصرِ في السَّفرِ.