باب التلبينة مجمة لفؤاد المريض
بطاقات دعوية
حديث عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها كانت، إذا مات الميت من أهلها، فاجتمع لذلك النساء، ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها، أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت ثم صنع ثريد فصبت التلبينة عليها ثم قالت: كلن منها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب ببعض الحزن
يتضمن هذا الحديث صورة من صور الطب النبوي، وهو وصفه صلى الله عليه وسلم للتلبينة، وإخباره أنها مجمة -بفتح الميم والجيم، وتروى (مجمة) بضم الميم وكسر الجيم- لفؤاد المريض، وأنها تذهب بعض الحزن، والمجمة: الراحة، أي: أنها تريح قلب المريض وتذهب عنه الحزن، والتلبينة طعام يصنع من الدقيق واللبن؛ فإن كانت ثخينة فهي الخزيرة، وقد يجعل فيها العسل واللبن، وسميت تلبينة لمشابهة ذلك الحساء باللبن في البياض والرقة
ولذلك كانت عائشة رضي الله عنها إذا مات الميت من أهلها واجتمع النساء، ثم تفرقن وبقي أهلها، تأمر ببرمة، أي: بقدر من حجارة أو نحوه، يوضع فيه التلبينة وتطبخ، ثم تأمر أهلها من النساء أن يأكلن منها؛ من أجل ما سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم من أنها تريح القلب وتذهب الحزن، وهذا من التطبيق العملي لأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته، ففؤاد الحزين يضعف باستيلاء اليبس على أعضائه وعلى معدته خاصة؛ لتقليل الغذاء، وهذا الغذاء يرطبها ويقويها، ويفعل مثل ذلك بفؤاد المريض، لكن المريض كثيرا ما يجتمع في معدته خلط مراري أو بلغمي أو صديدي، وهذا الحساء يجلو ذلك عن المعدة
وفي الحديث: أنه ينبغي لأهل الميت ألا يستسلموا لأحزانهم، وأن يحاولوا دفعها عنهم قدر المستطاع، أو تخفيفها على الأقل، واتخاذ كل الوسائل التي تعين على تقوية النفس والقلب على تحمل المصيبة ومفارقة الأحبة
وفيه: مشروعية اجتماع الناس عند أهل الميت؛ ليخففوا عنهم ألم الحزن، ويسلوهم، ويحثوهم على الصبر