باب الثناء الحسن3
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت
عن أبي ذر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: قلت له: الرجل يعمل العمل لله، فيحبه الناس عليه! قال: "ذلك عاجل بشرى المؤمن" (2)
أمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ عِبادَه بإخلاصِ العبادةِ لوَجهِه الكريمِ، ومِن النَّاسِ مَن يَنقُضُ أجْرَ عَملِه بالرِّياءِ والسُّمعةِ، ومنهم مَن يُصادِفُ ثَناءَ النَّاسِ عليه، وهو لا يَقصِدُ الرِّياءَ به؛ فهذا يَبْقى ويَثبُتُ أجْرُه.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو ذَرٍّ الغِفاريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئل عن الرَّجلِ الَّذي يَعمَلُ العَمَلَ مِنَ الخيرِ خالصًا للهِ، يَبْتغي الأجرَ والثَّوابَ مِن اللهِ، فإذا اطَّلعَ عليه أحدٌ مِن النَّاسِ حَمِده عليه، وفي رِوايةٍ: «يُحِبُّه النَّاسُ عليه»، أي: يُثنونَ عَلى ذلكَ العَملِ، أو عَلى ذلكَ الخيرِ، فهلْ هذا مِن الرِّياءِ الَّذي يُبطِلُ عمَلَ صاحبِه وأجْرَه عليه؟ فأخبَرَهُم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ تلكَ المَحمَدةَ أو المَحبَّةَ هي البشارةُ المعجَّلةُ له في الدُّنيا، فهذا مِن ثَوابِ الدُّنيا الَّذي يُعطِيه اللهُ لعَبدِه، وهو أنْ يُوقِعَ مَحبَّتَه في قُلوبِ النَّاسِ، ويُوقِعَ على ألْسِنتِهم ذِكرَه بالخيرِ، وثَوابُه في الآخرةِ: اللِّقاءُ والجنَّةُ، وهذه البُشرى المعجَّلةُ دَليلٌ على رِضا اللهِ تَعالَى عنه ومَحبَّتِه له، فيُحبِّبُه إلى الخلْقِ.
وفي الحديثِ: أنَّ مَن أَخلصَ العَملَ للهِ تَعالَى أَطلَقَ اللهُ الأَلسنَةَ بالثَّناءِ عليهِ، وأنَّه مِن جُملةِ أَولياءِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفيه: الحَثُّ على إخلاصِ النِّيَّةِ، والعملِ للهِ عزَّ وجلَّ.