باب الحياض 2
سنن ابن ماجه
حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا شريك، عن طريف بن شهاب، قال: سمعت أبا نضرة يحدثعن جابر بن عبد الله، قال: انتهينا إلى غدير فإذا فيه جيفة حمار، قال: فكففنا عنه حتى انتهى إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن الماء لا ينجسه شيء"، فاستقينا وأروينا وحملنا" (1).
كان الماءُ قَليلًا في جزيرةِ العرَبِ؛ فكانت حاجةُ النَّاسِ إلى الماءِ وطَلبُهم له أكثَرَ ممَّا قد يَكونُ مُتوفِّرًا على حالتِه النَّقيَّةِ، فكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُرشِدُ أصحابَه رَضِي اللهُ عَنهم إلى الصَّالِحِ مِنه.
وفي هذا الحديثِ يقولُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عَنهما: "انتَهَينا إلى غَدِيرٍ"، أي: وصَلْنا إلى بِئْرٍ، "فإذا فيه جِيفةُ حِمارٍ"، أي: جُثَّةُ حِمارٍ ميِّتٍ، قال: "فكفَفْنا عنه"، أي: أمسَكْنا عن أخْذِ الماءِ منه، "حتَّى انتَهى إلينا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: وصَل إلينا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقال: "إنَّ الماءَ لا يُنجِّسُه شيءٌ"، والمقصودُ: أنَّ الماءَ لا يتَنجَّسُ بشَيءٍ نَجسٍ موجودٍ فيه ما دامَ لم يُغيِّرْه، وأمَّا إذا غيَّرَه بتَغيُّرِ لونِه أو رِيحِه أو طَعمِه؛ فإنَّه بذلك يُصبِحُ نَجسًا.
قال جابرٌ رضِيَ اللهُ عنه: "فاستَقَيْنا وأَرْوَيْنا وحَمَلْنا"، أي: فشَرِبوا مِن هذا الماءِ، وشَرِبَت دَوابُّهم، وحَمَلوا الماءَ في آنيَتِهم، وأخَذوه معَهم مِن هذا البئرِ.
وفي الحديثِ: أنَّ الماءَ لا يتَنجَّسُ ما لم تتَغيَّرْ خَصائصُه.
وفيه: بيانُ يُسرِ الشَّرعِ فيما فيه مَصلَحةُ النَّاسِ، وبُعدِ الشَّرعِ عن التَّعنُّتِ.