باب الرجل يخير امرأته 2
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة
عن عائشة، قالت: لما نزلت: {وإن كنتن تردن الله ورسوله} [الأحزاب: 29] دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا عائشة إني ذاكر لك أمرا، فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك" قالت: قد علم والله أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه، قالت: فقرأ علي: {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها} الآيات [الأحزاب: 28]، فقلت: في هذا أستأمر أبوي! قد اخترت الله ورسوله (1).
في هذا الحديثِ تقولُ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها زوجُ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: "خيَّرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، وذلك في قولِه تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28]؛ الآيةَ، فأمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنْ يُخيِّرَ زَوْجاتِه بينَ الصَّبرِ عليه والرِّضا بما قسَمَ لهنَّ والعمَلِ بطاعَةِ اللهِ، وبينَ أنْ يُمتِّعَهنَّ ويُفارِقَهنَّ إنْ لم يَرضَيْنَ بالَّذي يَقْسِمُ لهنَّ، قالَت عائشةُ: "فاختَرْناه"، أيِ: اختَرْنا النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فلم يَعُدَّ"، أي: فلم يَحسُبْ، "ذلك شيئًا" مِن الطَّلاقِ؛ وذلك أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قد اختار لنبيِّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أزواجَه، وجَعَلهنَّ طاهِراتٍ مُطهَّراتٍ مِن كلِّ سوءٍ، فاختَرْنَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم والدَّارَ الآخرَةَ لَمَّا خيَّرهنَّ.