باب الرجل يستيقظ من منامه هل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها 4
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن الحارث، قال:
دعا علي بماء، فغسل يديه قبل أن يدخلهما الإناء، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنع (1).
كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم أحرَصَ النَّاسِ على اتِّباعِ سنَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وتَبليغِها لِمَن بعدَهم.
وفي هذا الحديثِ يقولُ الحُسَينُ بنُ عليٍّ رَضِي اللهُ عَنهما: "دعاني أبي عليٌّ بوَضوءٍ"، أي: طلَب ماءً ليتوضَّأَ، "فقرَّبْتُه له"، أي: أتى له بالماءِ في إناءٍ، "فبدَأ"، أي: شرَع في الوُضوءِ، "فغسَل كفَّيْهِ ثلاثَ مرَّاتٍ قبْلَ أن يُدخِلَهما في وَضوئِه"، أي: في الماءِ، "ثمَّ مضمَض ثلاثًا"، أي: ثلاثَ مرَّاتٍ، والمضمضَةُ: تَحريكُ الماءِ في الفَمِ وإدارَتُه فيه، ثمَّ إلقاؤُه، "واستنثَر ثلاثًا"، أي: غسَل الأنفَ باستِنشاقِ الماءِ ثمَّ نَثْرِه وإفراغِه، "ثمَّ غسَل وجهَه ثلاثَ مرَّاتٍ ثمَّ غَسَل يدَه اليُمْنى إلى المِرفَقِ ثلاثًا، ثمَّ اليُسْرى كذلكَ"، والمِرفَقُ: مَفصِلُ منتصَفِ الذِّراعِ، "ثمَّ مسَح برأسِه"، أي: شَعَرِ رأسِه، "مَسْحةً واحدةً، ثمَّ غسَل رِجْلَه اليُمْنى إلى الكَعبينِ ثلاثًا، ثمَّ اليُسْرى كذلكَ، ثمَّ قام قائمًا"، أي: كان رَضِي اللهُ عَنه يتوضَّأُ وهو جالِسٌ، فلمَّا أنِ انتَهَى وقَف على قَدمَيْهِ، فقال للحُسَينِ: "ناوِلْني"، قال الحُسَينُ رَضِي اللهُ عَنه: "فناوَلْتُه الإناءَ الَّذي فيه فَضْلُ وَضوئِه"، أي: ما بقِيَ منه مِن ماءٍ، "فشرِبَ مِن فضلِ وَضوئِه قائمًا، فعجِبْتُ"، أي: تعجَّبْتُ مِن شُربِه قائمًا؛ وذلكَ لكثرةِ ما يأتي عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّه كان يَشرَبُ جالسًا، "فلمَّا رآني"، أي: فلمَّا رأى عليٌّ رَضِي اللهُ عَنه تعجُّبَ الحُسَينِ، قال: "لا تعجَبْ؛ فإنِّي رأَيْتُ أباكَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَصنَعُ مِثلَ ما رأَيْتَني صنَعْتُ"، أي: إنَّه يفعَلُ فِعْلَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ اتِّباعًا لسنَّتِه الشَّريفةِ، "يقولُ لوُضوئِه هذا، وشرِبَ فَضْلَ وَضوئِه قائمًا"، أي: يقولُ عليٌّ رَضِي اللهُ عَنه مفسِّرًا لأفعالِ وُضوئِه وشُربِه ما بقِيَ مِن فَضْلِ مائِه قائمًا: إنَّ هذا مِن فِعلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ فلا تعجَبْ .