باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها 2

سنن ابن ماجه

باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها 2

حدثنا الحسن بن أبي الربيع، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت البناني، عن بكر بن عبد الله المزني
عن المغيرة بن شعبة، قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت له امرأة أخطبها فقال: "اذهب فانظر إليها، فإنه أجدر أن يؤدم بينكما" فأتيت امرأة من الأنصار، فخطبتها إلى أبويها، وأخبرتهما بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكأنهما كرها ذلك، قال: فسمعت ذلك المرأة، وهي في خدرها، فقالت: إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرك أن تنظر، فانظر، وإلا فأنشدك، كأنها أعظمت ذلك، قال: فنظرت إليها فتزوجتها. فذكر من موافقتها (2).

حَرَصَ الشَّرعُ الحَكيمُ على بناءِ الأُسرةِ المُسلمةِ على المودَّةِ والتَّراحُمِ؛ لدَوامِ العَلاقةِ الطَّيِّبةِ، وقد أرشَدَنا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى رُؤيةِ المرأةِ الَّتي يُرادُ خِطبتُها ونِكاحُها، مع التَّأدُّبِ بآدابِ الشَّرعِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ المُغيرةُ بنُ شُعبةَ رضِيَ اللهُ عنه: "أتيْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فذكَرْتُ له امرأةً أخطُبُها"، أي: يريدُ الزَّواجَ منها، فقال له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اذهَبْ فانظُرْ إليها؛ فإنَّه أجدَرُ أنْ يُؤْدَمَ بينكما"، أي: يُجْمَعَ بينكما، وتحصُلُ الأُلْفةُ والمحبَّةُ، "فأتيْتُ امرأةً من الأنصارِ، فخطَبْتُها إلى أبويها"، أي: طلَبَها من أبوَيْها، "وأخبَرْتُهما بقولِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: في رُؤيتِه لها، "فكأنَّهما كرِهَا ذلك"، أي: ظهَرَ مِن أبوَيْها عدَمُ رَغبتِهما في ذلك، قال المُغيرةُ رضِيَ اللهُ عنه: "فسمِعَتْ ذلك المرأةُ وهي في خِدْرِها"، أي: في سِتْرِها، "فقالت: إنْ كان رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمرَكَ أنْ تنظُرَ فانْظُرْ، وإلَّا فأنشُدُكَ"، أي: أسأَلُك باللهِ ألَّا تنظُرَ إليَّ، "كأنَّها أعظَمَت ذلك"، أي: كبُرَ عندها رُؤيتُه لها، وكأنَّه من المحظوراتِ، ولا يجوزُ إلَّا لحاجةٍ شَرعيَّةٍ، قال المُغيرةُ: "فنظَرْتُ إليها فتزوَّجْتُها، فذكَرَ مِن مُوافقتِها"، أي: حصَلَ الوِفاقُ بينهما بَعدَ هذه الرُّؤيةِ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ النَّظرِ إلى المرأةِ عند إرادةِ الخِطبةِ.