باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها 1
سنن ابن ماجه
حدثنا الحسن بن علي الخلال وزهير بن محمد ومحمد بن عبد الملك، قالوا: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابتعن أنس بن مالك: أن المغيرة بن شعبة أراد أن يتزوج امرأة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اذهب فانظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما". ففعل، فتزوجها، فذكر من موافقتها (1).
حَرَصَ الشَّرعُ الحَكيمُ على بناءِ الأُسرةِ المُسلمةِ على المودَّةِ والتَّراحُمِ؛ لدَوامِ العَلاقةِ الطَّيِّبةِ، وقد أرشَدَنا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى رُؤيةِ المرأةِ الَّتي يُرادُ خِطبتُها ونِكاحُها، مع التَّأدُّبِ بآدابِ الشَّرعِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ المُغيرةُ بنُ شُعبةَ رضِيَ اللهُ عنه: "أتيْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فذكَرْتُ له امرأةً أخطُبُها"، أي: يريدُ الزَّواجَ منها، فقال له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اذهَبْ فانظُرْ إليها؛ فإنَّه أجدَرُ أنْ يُؤْدَمَ بينكما"، أي: يُجْمَعَ بينكما، وتحصُلُ الأُلْفةُ والمحبَّةُ، "فأتيْتُ امرأةً من الأنصارِ، فخطَبْتُها إلى أبويها"، أي: طلَبَها من أبوَيْها، "وأخبَرْتُهما بقولِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: في رُؤيتِه لها، "فكأنَّهما كرِهَا ذلك"، أي: ظهَرَ مِن أبوَيْها عدَمُ رَغبتِهما في ذلك، قال المُغيرةُ رضِيَ اللهُ عنه: "فسمِعَتْ ذلك المرأةُ وهي في خِدْرِها"، أي: في سِتْرِها، "فقالت: إنْ كان رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمرَكَ أنْ تنظُرَ فانْظُرْ، وإلَّا فأنشُدُكَ"، أي: أسأَلُك باللهِ ألَّا تنظُرَ إليَّ، "كأنَّها أعظَمَت ذلك"، أي: كبُرَ عندها رُؤيتُه لها، وكأنَّه من المحظوراتِ، ولا يجوزُ إلَّا لحاجةٍ شَرعيَّةٍ، قال المُغيرةُ: "فنظَرْتُ إليها فتزوَّجْتُها، فذكَرَ مِن مُوافقتِها"، أي: حصَلَ الوِفاقُ بينهما بَعدَ هذه الرُّؤيةِ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ النَّظرِ إلى المرأةِ عند إرادةِ الخِطبةِ.