باب السم
بطاقات دعوية
- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم، بشاة مسمومة فأكل منها، فجيء بها، فقيل: ألا تقتلها قال: لا قال: فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الخلق تواضعا، ومن حسن خلقه قبوله الهدية ممن أهداها إليه، ولو كانت قليلة، ولو كان غير مسلم؛ يتألف بذلك قلبه للإسلام، وقد استغل اليهود ذلك لما عرفوه من سماحته، فحاولوا قتله بالسم في الطعام
وفي هذا الحديث يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أن امرأة يهودية -قيل: هي زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم- أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة، وذلك بعد غزوة خيبر، حيث أعدتها للنبي صلى الله عليه وسلم ووضعت السم في الموضع الذي يحبه صلى الله عليه وسلم من لحم الشاة، فأكل صلى الله عليه وسلم السم، فدفع الله عنه عاجل شرها، فلم يمت في حينها صلى الله عليه وسلم، ولكن ظل أثره يرى ويعرف، كما قال أنس رضي الله عنه: «ما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم»، كأنه بقي للسم علامة وأثر من سواد أو غيره، واللهوات: جمع لهاة، وهي اللحمة الحمراء المعلقة والمتدلية من أصل الحنك الأعلى. وأحضرت هذه المرأة التي وضعت السم أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية مسلم في صحيحه، قال: «فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألها عن ذلك، فقالت: أردت لأقتلك، قال: ما كان الله ليسلطك على ذاك -أو قال: علي-»
وسأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتلوها، فرفض النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها في حينها. هكذا وقع هنا النهي عن قتلها، وقد ثبت أنها قتلت كما في سنن أبي داود؛ قتلها النبي صلى الله عليه وسلم، أو دفعها إلى أولياء بشر بن البراء بن معرور، وكان أكل منها فمات بها فقتلوها. ووجه الجمع بين الروايتين: أنه لم يقتلها أولا حين اطلع على سمها، وقيل له: أنقتلها؟ فقال: لا، فلما مات بشر بن البراء من ذلك سلمها لأوليائه فقتلوها قصاصا؛ فيصح أنه لم يقتلها -أي: في الحال-، ويصح أنه قتلها، أي: بعد ذلك
وفي الحديث: بيان عصمته صلى الله عليه وسلم من الناس كلهم، كما قال الله تعالى: {والله يعصمك من الناس} [المائدة: 67]
وفيه: معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث سلمه الله من السم المهلك لغيره
وفيه: مشروعية قبول الهدية من المشركين