باب السير إذا دفع من عرفة
بطاقات دعوية
عن عروة قال: سئل أسامة وأنا جالس: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسير في حجة الوداع حين دفع؟ قال: كان يسير العنق (52)، فإذا وجد فجوة نص. قال هشام: و (النص) فوق (العنق).
(فجوة): متسع، والجمع فجوات وفجاء، وكذلك ركوة وركاء. (مناص):
ليس حين فرار
الحَجُّ عِبادةٌ تَوقيفيَّةٌ، عَلَّمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه إيَّاها بالفِعلِ وبالقَولِ، وقد نَقَلوا لنا صِفةَ هذه العِبادةِ كما رأوْها وأدَّوْها معه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورَضيَ اللهُ عنهم.
وفي هذا الحَديثِ يَروي التَّابِعيُّ عُروةُ بنُ الزُّبَيرِ أنَّه كان جالسًا مع الصَّحابيِّ أُسامةَ بنِ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنهما، فسُئِلَ أُسامةُ عن سَيرِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَجَّةِ الوَداعِ، حين دَفَعَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأفاضَ مِن عَرَفاتٍ إلى مُزدَلِفةَ، فأخبَرَهم أنَّه كان يَسيرُ العَنَقَ، أيْ: يَسيرُ سَيرًا مُتوسِّطًا، ولا يُسرِعُ؛ لِئلَّا يُضايِقَ النَّاسَ ويُؤذيَهم، ولِيَكونَ قُدوةً لِغيرِه، فإذا وَجَدَ فَجْوةً بَينَ النَّاسِ وطَريقًا واسِعًا فَسيحًا نَصَّ، أيْ: أسرَعَ في سَيرِه في هذا المَكانِ الواسِعِ.
وفي الحَديثِ: الالتِزامُ بالهُدوءِ والسَّكينةِ عِندَ الإفاضةِ مِن عَرَفةَ، والمُحافَظةُ على السَّيرِ المُتوسِّطِ، والابتِعادُ عنِ السُّرعةِ.
وفيه: أنَّ السَّلَفَ كانوا يَحرِصونَ على السُّؤالِ عن أحوالِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، في جَميعِ حَرَكاتِه وسُكونِه؛ لِيَقتَدُوا به في ذلك.