باب الصلاة على الخمرة 3
سنن ابن ماجه
حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثني زمعة ابن صالح، عن عمرو بن دينار، قال:
صلى ابن عباس وهو بالبصرة على بساطه، ثم حدث أصحابه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي على بساطه (1).
علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الصَّلاةَ وآدابَها، وما يَحِلُّ وما يَحرُمُ فيها، وقد نقَل الصَّحابةُ الكِرامُ هدْيَه وسُنَّتَه إلى الأمَّةِ؛ لِيَأخُذوا منها أحكامَ الدِّينِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ التَّابعيُّ عمرُو بنُ دِينارٍ: "صلَّى ابنُ عبَّاسٍ وهو بالبَصرةِ على بِساطِه"، أي: كبُسُطِ الثِّيابِ وما شابَهَ، والمرادُ أنَّه جعَل حائِلًا بينَه وبينَ الأرضِ، "ثمَّ حدَّث أصحابَه"، أي: ثمَّ أخبَر ابنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما مَن معَه "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يُصلِّي على بِساطِه"، أي: إنَّ فِعْلَه وصَلاتَه على البِساطِ إنَّما كان مِن فِعلِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ فدلَّ هذا الحديثُ على مشروعيَّةِ أن يَسجُدَ المصلِّي على فِراشٍ أو بِساطٍ يَحُولُ بينَ جَبهةِ المصلِّي وبينَ الأرضِ. وقد ورَدَتْ رواياتٌ أخرى عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم تَدُلُّ على أنَّه صلَّى على الحصيرِ، وعلى الخُمْرةِ، وكلُّها تَحولُ بينَ جبهَتِه الشَّريفةِ وبينَ التُّرابِ، كما في الصَّحيحينِ: عن مَيمونَةَ زوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّها قالَت: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم يُصلِّي وأنا حِذَاءَه، وربَّما أصابَني ثَوبُه إذا سجَد، وكان يُصلِّي على خُمْرةٍ"، والخُمرةُ: سَجَّادةٌ تُعمَلُ مِن سَعَفِ النَّخلِ، وتُربَطُ وتُنسَجُ بالخُيوطِ، وسُمِّيَت خُمرةً؛ لأنَّها تُخمِّرُ وجْهَ الأرضِ، أي: تَستُرُه، وفي مسلِمٍ: عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ أنَّه دخَل على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم قالَ: "فرأيتُه يُصلِّي على حَصيرٍ يَسجُدُ عليه".
وفي الحديثِ: مشروعيَّةُ الصَّلاةِ على الحَصيرِ والبُسُطِ ونَحوِها( ).