باب الصلح مع المشركين، فيه عن أبي سفيان
بطاقات دعوية
عن ابن عمررضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج معتمرا، فحال
كفار قريش بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنحر هديه، وحلق رأسه بالحديبية، وقاضاهم على أن يعتمر العام المقبل، ولا يحمل سلاحا عليهم إلا سيوفا، ولا يقيم بها إلا ما أحبوا، فاعتمر من العام المقبل، فدخلها كما كان صالحهم، فلما [أن 5/ 85] أقام بها ثلاثا، أمروه أن يخرخ، فخرخ
لقدِ اشتَدَّ أذَى المشركِينَ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابِه رَضيَ اللهُ عنهم، ومع ذلك كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وَفيًّا لهم بما صالَحَهم أو عاهدَهم عليه.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم خَرجَ مُعتمِرًا في السَّنةِ السَّادسةِ مِن الهِجرةِ، فمَنَعهُ وصَدَّهُ كفَّارُ قُرَيشٍ عن دُخولِ مكَّةَ في مَوضعِ الحُدَيبيةِ، وهيَ قَريةٌ كَبيرةٌ سُمِّيَتْ بِبئرٍ هناكَ، وتُعَدُّ الآنَ ضاحيةً مِنْ ضواحي مكَّةَ، فتَحلَّلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مِن عُمرتِهِ هو وأصحابُه رَضيَ اللهُ عنهم، فنَحَرَ هَدْيَهُ، وحلَقَ رأْسَهُ بالحُدَيْبِيةِ، وصالحَهُمْ على أنْ يَعتمِرَ العامَ المقْبِلَ، على أنْ تكونَ هناكَ هُدْنةٌ بيْنَ المسلمينَ وقُريشٍ، وألَّا يَحمِلَ سِلاحًا عليهِمْ إلَّا سُيوفًا في غِمدِها وجِرابِها، ولا يُقيمَ بها إلَّا ما أَحبُّوا، فاعتَمرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مِن العامِ التَّالي، فدَخَلَ مكَّةَ على ما صالحَهُمْ عليه، فلمَّا أقامَ في مكَّةَ ثَلاثةَ أيامٍ، أمَرَه المُشرِكون أنْ يخرُجَ مِن مكَّةَ، فخَرَجَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
وفي الحديثِ: أنَّ المُعتَمِرَ إذا أُحْصِرَ ومُنِعَ عن أداءِ عُمرَتِهِ فإنَّه يَتحلَّلُ منها.
وفيه: مَشروعيَّةُ الصُّلحِ مع الكفَّارِ، وعقْدِ الاتِّفاقياتِ والمعاهَداتِ السِّياسيَّةِ والعسْكريَّةِ معهم لِصالحِ المسلمينَ.
وفيه: الوَفاءُ للمشْرِكين بعُهودِهم.