باب الغسل من المني 1
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة بن سعيد وعلي بن حجر واللفظ لقتيبة قال حدثنا عبيدة بن حميد عن الركين بن الربيع عن حصين بن قبيصة عن علي رضي الله عنه قال : كنت رجلا مذاء فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا رأيت المذي فاغسل ذكرك وتوضأ وضوءك للصلاة وإذا فضخت الماء فاغتسل
قال الشيخ الألباني : صحيح
الإسلامُ دِينُ الرَّحمةِ والشَّفقةِ بالنَّاسِ واليُسرِ عليهم، ومع ذلك هو أيضًا دِينُ النَّظافةِ، وممَّا يدُلُّ على ذلك تَخفيفُه على النَّاسِ ومُراعاتُه لأحوالِهم، حيثُ إنَّه فرَّق بين المَنيِّ الغَليظِ والمَذْيِ الخفيفِ الَّذي يكثُرُ نزولُه عند بعضِ النَّاسِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي اللهُ عنه: "كُنتُ رجلًا مذَّاءً"، أي: كثيرًا ما يخرُجُ منه المذيُ، والمذيُ: ماءٌ أبيضُ رقيقٌ يخرجُ عِندَ المُلاعبةِ أو النَّظرِ بشَهوةٍ، أو التَّذكُّرِ، وأغلبُ ما يكونُ أنَّه يَتقدَّمُ خروجَ المنيِّ أو يَعقبُه. وفي روايةٍ أُخرى عندَ أبي داودَ والنَّسائيِّ وابنِ خُزَيمةَ بيَّنتْ ما كان يُلاقيه من المشقَّةِ، قال: "فجعلتُ أغتسِلُ منه في الشِّتاءِ حتَّى تَشقَّق ظَهري"، "فقال لي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إذا رأيتَ المذْيَ"، أي: نزَل منك المذيُ ولم تكُن جُنُبًا، "فاغسِلْ ذَكرَك"، أي: نَظِّفِ الذَّكَرَ بالماءِ من آثارِ المذيِ، "وتوضَّأْ وضوءَك للصَّلاةِ"، أي: توضَّأْ وُضوءًا كاملًا، فاغسِلْ أعضاءَك مثلَ وضوءِ الصَّلاةِ، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّه ليس في المذيِ اغتسالٌ كاملٌ كما في نُزولِ المنيِّ والجَنابةِ، "وإذا فضَختَ الماءَ"، أي: وإذا خرَج وتدفَّقَ ماءُ المنيِّ، والفَضخُ: التَّدفُّقُ، "فاغتسِلْ"، أي: فيجِبُ الغُسلُ الكاملُ لكلِّ الجِسمِ بتعميمِه بالماءِ
وفي الحديثِ: بيانُ حِرصِ الصَّحابةِ على استبيانِ مَسائلِ الطَّهارةِ
وفيه: أنَّ الوُضوءَ يَكفي للتَّطهُّرِ مِن ماءِ المذيِ، وليس فيه غُسلٌ