باب الفتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم10

سنن الترمذى

باب الفتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم10

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان، عن أبي موسى، عن وهب بن منبه، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن» وفي الباب عن أبي هريرة: هذا حديث حسن غريب من حديث ابن عباس، لا نعرفه إلا من حديث الثوري

لقد دَلَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه وأرشَدَها لِكُلِّ خَيرٍ؛ فمَنِ اتَّبَعَ أمْرَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ واجتَنَبَ نَهْيَه، أفْلَحَ وفازَ ورَبِحَ في الدُّنيا والآخِرةِ.

وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن سَكَنَ الباديةَ" وهي الصَّحراءُ، "جَفَا"، أي: أصْبَحَ في طَبعِه شِدَّةٌ وقَسوةٌ؛ بَعدَ لُطفِ الأخلاقِ؛ وذلك لِمَا تَحمِلُه عليه طَبيعةُ الحياةِ في الصَّحراءِ مِن قِلَّةِ مُخالَطةِ النَّاسِ، ولِفَقدِ مَن يُرَوِّضُه ويُؤَدِّبُه "ومَنِ اتَّبَعَ الصَّيدَ" بأنْ صارَ أكثَرُ أمْرِه في الصَّيدِ، وكانَ صَيدُه لِغَيرِ ضَرورةٍ "غَفَلَ"؛ لِأنَّه شَغَلَ نَفْسَه وقَلْبَه بما يُلْهيه حتَّى يُصابَ بالغَفْلةِ عن مَصالِحِه، "ومَن أتى السُّلطانَ"، فتَردَّدَ على وَليِّ الأمْرِ لِغَيرِ حاجةٍ أو ضَرورةٍ. وفي رِوايةٍ: "مَن لَزِمَ السُّلطانَ" "افْتُتِنَ"، بمَعنى أنَّه يُصابُ في دِينِه بسوءٍ؛ وذلك لِأنَّه سَيَقَعُ في مُداهنَتِه، ويَعزُفُ عن أمْرِه بالمَعروفِ ونَهْيِه عنِ المُنكَرِ. وقيلَ: سَبَبُ فِتنَتِه أنَّه يَرى سَعةَ الدُّنيا والخَيرَ هناك، فيَحتَقِرُ نِعمةَ اللهِ عليه، ورُبَّما استَخدَمَه، فلا يَكادُ يَسلَمُ في تَصَرُّفِه مِنَ الإثْمِ في الآخِرةِ، أوِ العُقوبةِ في الدُّنيا.

وفي الحَديثِ: التَّحذيرُ مِنْ سَكَنِ الباديةِ، واتِّباعِ الصَّيدِ، وإتيانِ الحُكَّامِ لِغَيرِ حاجةٍ أو ضَرورةٍ.