باب القدر الذي يكتفي به الرجل من الماء للوضوء 1
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن علي قال حدثنا يحيى قال حدثنا شعبة قال حدثني عبد الله بن عبد الله بن جبر قال سمعت أنس بن مالك يقول : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يتوضأ بمكوك ويغتسل بخمس مكاكي
قال الشيخ الألباني : صحيح
نَهَتِ الشَّريعةُ عنِ الإسرافِ، وتَوعَّدَ اللهُ تَعالَى المُبذِّرينَ، والإسرافُ يَكونُ في كلِّ ما زادَ عن حاجةِ الإنسانِ، ولو كانَ ذلك في الماءِ، فعَلى المَرءِ المُسلِمِ أن يَقتصِدَ في استخدامِه للماءِ، حتَّى عندَ الغُسلِ أوِ الوُضوءِ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَغتَسلُ -لرَفعِ جَنابةٍ أو طلبًا للتَّنظُّفِ- بِخَمسِ مَكاكيكَ، جمعُ مَكُّوكٍ، وهو إناءٌ سَعَتُه نَحوُ المُدِّ؛ لأنَّه جاءَ في روايةٍ أُخرى في الصَّحيحَينِ مُفسَّرًا بالمُدِّ: «كانَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتوضَّأُ بالمُدِّ، ويَغتسِلُ بالصَّاعِ، إلى خَمْسةِ أمْدادٍ»، وأصلُ المكُّوكِ: مِكيالٌ، ويَختلفُ باختلافِ اصطِلاحِ النَّاسِ في البِلادِ، والقَدرُ الَّذي يُجزِئُ منَ الغُسلِ هو ما يَحصُلُ بِه تَعميمُ الجَسدِ، وَكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتوضَّأُ بِمَكُّوكٍ، وهذا إخبارٌ عنِ القَدرِ الذى كانَ يَكفيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لا أنَّه لا يَجوزُ ما زادَ على ذلك، وإنَّما يَختلِفُ النَّاسُ في ذلك؛ فمِنَ النَّاسِ مَن لا يَستطيعُ تَحقيقَ الوُضوءِ والغُسلِ على وجهِه إلَّا بأكثرَ من ذلك، ولكن يَنبغي على كلِّ حالٍ عدَمُ الإسرافِ في الماءِ. وهذا من حُسنِ استخدامِ المَواردِ، وتَعظيمِ الفائدةِ منها بحُسنِ التَّصرُّفِ فيها بقَدرِ الحاجَةِ