باب القدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
سنن الترمذى
حدثنا أبو هريرة محمد بن فراس البصري قال: حدثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة قال: حدثنا أبو العوام، عن قتادة، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل ابن آدم وإلى جنبه تسع وتسعون منية إن أخطأته المنايا وقع في الهرم حتى يموت»: وهذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وأبو العوام هو عمران وهو ابن داور القطان
_________
وفي هذا الحديثِ يُبيِّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّ نهايةَ كلِّ بني آدَمَ الموتُ، فلا يزالُ الإنسانُ يتعرَّضُ للبلاءِ والفِتَنِ حتَّى يموتَ، فإن لم يمُتْ أصابَه الكِبَرُ ثمَّ الموتُ؛ فيقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَثَلُ ابنِ آدَمَ"، أي: يضرِبُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مَثَلًا للإنسانِ، "وإلى جَنْبِه"، أي: بقُربِ الإنسانِ وبجانبِه ومحيطٌ به، "تِسعٌ وتِسعونَ منيَّةً" العددُ هنا للكثرةِ لا للحصرِ، والمَنيَّةُ هي المُهلِكةُ أو البَليَّةُ، والمقصودُ بها الموتُ، "إن أخطأَتْه المَنَايَا"، أي: إن أخطأَتِ الإنسانَ البلايا والمُهلِكاتُ فلم تُصِبْه، "وقَع في الهَرَمِ حتَّى يموتَ"، أي: أصابَه الهرم الذي هو كِبَرُ السِّنِّ حتَّى يموتَ، وهو الدَّاءُ الذي لا دَواءَ له؛ فإنَّ كلَّ إنسانٍ سيموتُ، سواءٌ نجَا مِن المُهلِكاتِ في صِغَرِه وكَبِرَ؛ فإنَّ هناك بليَّةً ومصيبةً لا تترُكُه أبدًا، وهي الهَرَمُ، والهَرَمُ كِبَرُ السِّنِّ والشَّيخوخةُ.
وفي الحَديثِ: الإشارةُ إلى تَسليةِ النَّفسِ وتَوطينِها على الصَّبرِ؛ لأنَّه في دَارِ الرَّزايا والبلايا.