‌‌باب مناقب أبي موسى الأشعري رضي الله عنه1

سنن الترمذى

‌‌باب مناقب أبي موسى الأشعري رضي الله عنه1

حدثنا موسى بن عبد الرحمن الكندي قال: حدثنا أبو يحيى الحماني، عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «يا أبا موسى لقد أعطيت مزمارا من مزامير آل داود»: «هذا حديث حسن صحيح» وفي الباب عن بريدة، وأبي هريرة، وأنس

كان أبو مُوسى الأشعريُّ اليَمانيُّ رَضِي اللهُ عنه -واسمُه عبدُ اللهِ بنُ قَيسٍ- حَسَنَ الصَّوتِ بِالقرآنِ، وذاتَ لَيلةٍ استَمعَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِتِلاوتِهِ، فَأعجبَهُ صَوتُه، فقال له: «لَقَدْ أُوتِيتَ مَزْمارًا مِنْ مَزاميرِ آلِ داودَ»، أي: أعطاكَ اللهُ صَوتًا حَسَنًا مِثلَ ما كان داودُ عليهِ السَّلامُ ذَا صَوتٍ حَسنٍ بقِراءةِ الزَّبورِ، والمِزْمارُ أصلُه الآلةُ التي يُزْمَرُ بها، وآلُ داودَ هنا هو داودُ نفْسُه، وقد كان نبيُّ اللهِ داودُ إليه المُنتهى في حُسْنِ الصَّوتِ بالقراءةِ.
وهذا من التَّشجيعِ النَّبَويِّ لأصحابِه ولكُلِّ المُسلِمين على تحسيِن الصَّوتِ بالقُرآنِ، مع بيانِ فَضيلةِ أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، ومنقَبَتِه في تلاوةِ القُرآنِ.
وحُسْنُ الصَّوتِ يكونُ بحُسْنِ الأداءِ، بِحيث يُبَيِّنُ الحروفَ ويُخْرجُها مِن مَخارِجِها، حتَّى يَبدُوَ القرآنُ واضحًا بَيِّنًا، ويكونُ بحُسنِ النَّغمةِ بالصَّوتِ؛ يُحسِّنُ بها صَوتَه، وكِلاهُما أمْرٌ مَطلوبٌ، وحُسنُ الصَّوتِ المطلوبُ هو ما كانَ على طَريقِ التَّحزينِ والتَّخويفِ والتَّشويق بِما يُحقِّقُ مَقصودَه مِن الخَشيةِ والخُشوعِ والتَّفهُّمِ، وليس ما كانَ على طَريقِ الألحانِ المُطرِبةِ المُلهيةِ.