‌‌باب ما جاء في فضل سورة الكهف2

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في فضل سورة الكهف2

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف عصم من فتنة الدجال» حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي، عن قتادة، بهذا الإسناد نحوه.: «هذا حديث حسن صحيح»
‌‌

قِراءَةُ القُرآنِ فيها الخَيرُ والبَرَكةُ لمَنْ يَقرَأُ؛ فهو حبْلُ اللهِ المَوصولُ، وفيهِ طُمَأنينَةُ النَّفسِ، وعَظيمُ الأَجْرِ، وفيه النَّجاةُ للعبدِ مِن كُرباتِ الدُّنيا وفِتَنِها، ومِن هوْلِ يومِ القِيامةِ وشَدائدِه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّ مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورةِ الكَهفِ، عصَمَه اللهُ عزَّ وجلَّ، وحَفِظَه، ووَقاهُ مِن فِتنةِ الدَّجَّالِ الَّذي يَخرُجُ آخِرَ الزَّمانِ ويَدَّعي الأُلوهيَّةَ، والدَّجَّالُ في الأصلِ هو الذي يُكثِرُ مِن الكذبِ والتَّلْبِيسِ؛ وهو مِن العَلاماتِ الكُبرى ليومِ القِيامةِ، وفِتنتُه أعظَمُ فِتنةٍ تكونُ على الأرضِ منذُ خُلِقَ آدمُ إلى قِيامِ السَّاعةِ؛ لِما أمْكَنَه اللهُ عزَّ وجلَّ مِن بعضِ المُعجِزاتِ الَّتي يَفتِنُ بها مَن تَبِعَه، وإنَّما كانَ حِفظُ هذه الآياتِ سَببًا للعِصمةِ مِن الدَّجَّالِ؛ قيل: لِمَا في هذه الآياتِ مِنَ العَجائبِ والمُعجِزاتِ؛ فمَن عَلِمَهما لا يَستغرِبُ أمْرَ الدَّجالِ، ولا يُفتَتنُ به، ويَسهُلُ عليه الصَّبْرُ على فِتَنِ الدَّجَّالِ بمَا يَظْهَرُ مِن نَعيمِه وعَذابِه، أو تكونُ العِصمةُ مِن الدجَّالِ مِن خَصائصِ اللهِ لِمَن حَفِظ هذه الآياتِ.
ومِن سُبلِ الوقايةِ مِن فِتنَةِ الدَّجَّالِ أيضًا، والتي لمْ تُذكَرْ في هذا الحديثِ، وقدْ ثبَتَت عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في أحاديثَ أُخرى: مَعرفةُ أسماءِ اللهِ وصِفاتِه؛ فيَعلَمُ أنَّ الدَّجَّالَ بَشَرٌ يَأْكلُ ويَشرَبُ، واللهُ مُنَزَّهٌ عن ذلك، وأنَّ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ، واللهُ سُبحانَه ليس بأعْوَرَ، وأنَّه لا يَرى أحَدٌ رَبَّه حتَّى يَموتَ، والدَّجَّالُ يَراهُ النَّاسُ عندَ خُروجِه؛ مُؤمنُهم وكافرُهم. ومنها: التَّعَوُّذُ مِن فِتنَةِ الدَّجَّالِ، خاصَّةً في الصَّلاةِ، كما في حَديثِ عائشةَ رَضِي اللهُ عنها عند الصَّحيحينِ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كانَ يَدعو في الصَّلاةِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن عَذابِ القبرِ، وأعوذُ بك مِن فِتنَةِ المسيحِ الدَّجَّالِ»، ومنها: الفِرارُ مِنَ الدَّجَّالِ لمَن عاصَرَهُ، والابتِعادُ عنهُ؛ وذلك لِما معه مِنَ الشُّبُهاتِ والخوارقِ العظيمةِ الَّتي قدْ يَفْتَتِنُ بها المرءُ.
وفي الحَديثِ: فَضلُ العَشرِ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورةِ الكَهفِ.
وفيه: بيانُ شِدَّةِ فِتنةِ المسيحِ الدَّجَّالِ، حتَّى إنَّه يُحتاجُ لِما يُحصِنُ منه.