باب القناعة والعفاف والاقتصاد في المعيشة والإنفاق وذم السؤال من غير ضرورة 3
بطاقات دعوية
وعن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول ، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ، ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله )) متفق عليه .
وهذا لفظ البخاري ، ولفظ مسلم أخصر .
حث الإسلام على الصدقة والإنفاق في سبيل الله، وبين أن ما عند الله أبقى مما يدخره الإنسان لنفسه
وفي هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن اليد العليا -وهي اليد المنفقة- خير وأحب إلى الله عز وجل من اليد السفلى، وهي السائلة الآخذة للصدقات، ثم يرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن نبدأ بمن نعول من النفس والأهل والولد؛ فإن أفضل الصدقة ما أخرجه الإنسان من ماله بعد القيام بحقوق النفس والعيال، بحيث لا يصير المتصدق محتاجا بعد صدقته إلى أحد؛ ففي قوله: «وابدأ بمن تعول» دليل على أن النفقة على الأهل أفضل من الصدقة؛ لأن الصدقة تطوع، والنفقة على الأهل فريضة، وهذا كله من التربية النبوية على العفاف والرضا، وترتيب الأولويات في النفقة؛ حتى يكفي المرء أهله ومن تلزمه نفقته، ثم يتصدق عن ظهر غنى
ثم يحث صلى الله عليه وسلم على القناعة والتعفف، فيخبر أن من يطلب من نفسه العفة عن السؤال، أو يطلب العفة من الله تعالى، «يعفه الله» بأن يجعله عفيفا قانعا راضيا بما أعطاه. «ومن يستغن» أي: من يطلب الغنى من الله تعالى، أو من يظهر الغنى بالاستغناء عن أموال الناس والتعفف عن السؤال حتى يحسبه الجاهل غنيا من التعفف، «يغنه الله» بأن يملأ قلبه غنى، فيصير غنيا بقلبه؛ لأن الغنى في الحقيقة هو غنى النفس
وفي الحديث: تقديم نفقة نفسه وعياله؛ لأنها منحصرة فيه، بخلاف نفقة غيرهم.
وفيه: أن الإنسان لا يتصدق بكل ما عنده.
وفيه: الحض على معالي الأمور، وترك دنيئها.
وفيه: الابتداء بالأهم فالأهم في الأمور الشرعية.
وفيه: أن النفقة على الأهل ومن يعولهم الإنسان تحسب صدقة إذا احتسبها الإنسان.